المعطوف عليه أبرز منه في الكلام ، فليس الفصل بمثل هذا الضمير مقيدا تأكيدا للنسبة لأن الإتيان بالضمير لازم لا خيرة للمتكلم فيه فلا يكون مقتضى حال ولا يعرف السامع أن المتكلم مريد به تأكيدا ولكنه لا يخلو من حصول تقرير معنى المضمر وهو ما أشار إليه في «الكشاف» بمجموع قوله : وأنت تأكيد للضمير المستكن ليصح العطف عليه.
والزوج كل شيء ثان مع شيء آخر بينهما تقارن في حال ما. ويظهر أنه اسم جامد لأن جميع تصاريفه في الكلام ملاحظ فيها معنى كونه ثاني اثنين أو مماثل غيره ، فكل واحد من اثنين مقترنين في حال ما يسمى زوجا للآخر قال تعالى : (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) [الشورى : ٥٠] أي يجعل لأحد الطفلين زوجا له أي سواه من غير صنفه ، وقريب من هذا الاستعمال استعمال لفظ شفع.
وسميت الأنثى القرينة للرجل بنكاح زوجا لأنها اقترنت به وصيرته ثانيا ، ويسمى الرجل زوجا لها لذلك بلا فرق ، فمن ثم لا يقال للمرأة زوجة بهاء تأنيث لأنه اسم وليس بوصفه. وقد لحنوا الفرزدق في قوله :
وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي |
|
كساع إلى أسد الثرى يستبيلها |
وتسامح الفقهاء في إلحاق علامة التأنيث للزوج إذا أرادوا به امرأة الرجل لقصد نفي الالتباس في تقرير الأحكام في كتبهم في مثل قولهم : القول قول الزوج ، أو القول قول الزوجة وهو صنيع حسن.
وفي «صحيح مسلم» عن أنس بن مالك «أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يحدث إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه يا فلان فجاء فقال له : هذه زوجتي فلانة» الحديث ، فقوله : زوجتي بالتاء فتعين كونه من عبارة راوي الحديث في السند إلى أنس وليست بعبارة النبي صلىاللهعليهوسلم.
وطوى في هذه الآية خلق زوج آدم ، وقد ذكر في آيات أخرى كقوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) [النساء : ١] وسيأتي ذلك في سورة النساء وسورة الأعراف [١٨٩].
ولم يرد اسم زوج آدم في القرآن واسمها عند العرب حواء وورد ذكر اسمها في حديث رواه ابن سعد في «طبقاته» عن خالد بن خداش عن ابن وهب يبلغ به رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الناس لآدم وحواء كطف لصاع لن يملئوه» الحديث (طف المكيال ـ بفتح الطاء وكسرها ـ ما قرب من ملئه) أي هم لا يبغون الكمال فإن كل كمال من البشر قابل للزيادة.