ظواهر الآيات بل قد بينوا وفصّلوا وفرّعوا في علوم عنوا بها ، ولا يمنعنا ذلك أن نقفي على آثارهم في علوم أخرى راجعة لخدمة المقاصد القرآنية أو لبيان سعة العلوم الإسلامية ، أما ما وراء ذلك فإن كان ذكره لإيضاح المعنى فذلك تابع للتفسير أيضا ، لأن العلوم العقلية إنما تبحث عن أحوال الأشياء على ما هي عليه ، وإن كان فيما زاد على ذلك فذلك ليس من التفسير لكنه تكملة للمباحث العلمية واستطراد في العلم لمناسبة التفسير ليكون متعاطى التفسير أوسع قريحة في العلوم.
وذهب ابن العربي في «العواصم» إلى إنكار التوفيق بين العلوم الفلسفية والمعاني القرآنية ولم يتكلم على غير هاته العلوم وذلك على عادته في تحقير الفلسفة لأجل ما خولطت به من الضلالات الاعتقادية وهو مفرط في ذلك مستخف بالحكماء.
وأنا أقول : إن علاقة العلوم بالقرآن على أربع مراتب :
الأولى : علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم ، وتهذيب الأخلاق والفقه والتشريع والاعتقاد والأصول والعربية والبلاغة.
الثانية : علوم تزيد المفسر علما كالحكمة والهيئة وخواص المخلوقات.
الثالثة : علوم أشار إليها أو جاءت مؤيدة له كعلم طبقات الأرض والطب والمنطق.
الرابعة : علوم لا علاقة لها به إما لبطلانها كالزجر والعيافة والميثولوجيا ، وإما لأنها لا تعين على خدمته كعلم العروض والقوافي.