المشبه على الاحتمالات كلها هي تدل على تجهيلهم وتقريعهم. والآيات لا تستبدل ذواتها فتعين تقدير مضاف أي لا تشتروا بقبول آياتي ثمنا.
وإضافة آيات إلى ضمير الجلالة للتشريف قال الشيخ محمد بن عرفة : عظم الآيات بشيئين الجمع والإضافة إلى ضمير الجلالة وحقر العوض بتحقيرين التنكير والوصف بالقلة ا ه أي وفي ذلك تعريض بغبن صفقتهم إذ استبدلوا نفيسا بخسيس وأقول وصف (قَلِيلاً) صفة كاشفة لأن الثمن الذي تباع به إضاعة الآيات هو قليل ولو كان أعظم متمول بالنسبة إلى ما أضاعه آخذ ذلك الثمن وعلى هذا المراد ينبغي حمل كلام ابن عرفة.
وقد أجمل العوض الذي استبدلوا به الآيات فلم يبين أهو الرئاسة أو الرشى التي يأخذونها ليشمل ذلك اختلاف أحوالهم فإنهم متفاوتون في المقاصد التي تصدهم عن اتباع الإسلام على حسب اختلاف همهم.
ووصف (ثَمَناً) بقوله : (قَلِيلاً) ليس المراد به التقييد بحيث يفيد النهي عن أخذ عوض قليل دون أخذ عوض له بال وإنما هو وصف ملازم للثمن المأخوذ عوضا عن استبدال الآيات فإن كل ثمن في جانب ذلك هو قليل فذكر هذا القيد مقصود به تحقير كل ثمن في ذلك فهذا النفي شبيه بنفي القيود الملازمة للمقيد ليفيد نفي القيد والمقيد معا كما في البيت المشهور لإمرئ القيس :
على لاحب لا يهتدى بمناره |
|
إذا سافه العود الدّيافي جرجرا |
أي لا منار له فيهتدى به لأن الاهتداء لازم للمنار ، وكذلك قول ابن أحمر :
لا يفزع الأرنب أهوالها |
|
ولا ترى الضبّ بها ينجحر |
أي لا أرنب بها حتى يفزع من أهوالها ولا ضبّ بها حتى ينجحر ، وقول النابغة :
مثل الزجاجة لم تكحل من الرمد
أي عينا لم ترمد حتى تكحل ؛ لأن التكحيل لازم للعين الرمداء ومثله كثير في الكلام البليغ.
وقد وقع (ثَمَناً) نكرة في سياق النهي وهو كالنفي فشمل كل عوض ، كما وقعت الآيات جمعا مضافا فشملت كل آية ، كما وقع الفعل في سياق النفي فشمل كل اشتراء إذ الفعل كالنكرة.