كما وقع في بعض التفاسير لأن ذلك يجعل (إذ) ظرفا فيطلب متعلقا وهو ليس بموجود ، ولا يفيده حرف العطف لأن العاطف في عطف الجمل لا يفيد سوى التشريك في حكم الجملة المعطوف عليها ، وليس نائبا مناب عامل ، ولا يريبك الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه أعني (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ) بجملة (وَاتَّقُوا يَوْماً) [البقرة : ٤٨] فتظنه ملجأ لاعتبار العطف على الجملة لما علمت فيما تقدم أن قوله : (وَاتَّقُوا) ناشئ عن التذكير فهو من علائق الكلام وليس بأجنبي ، على أنه ليس في كلام النحاة ما يقتضي امتناع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالأجنبي فإن المتعاطفين ليسا بمرتبة الاتصال كالعامل والمعمول ، وعدي فعل (فَأَنْجَيْناكُمْ) إلى ضمير المخاطبين مع أن التنجية إنما كانت تنجية أسلافهم لأن تنجية أسلافهم تنجية للخلف فإنه لو بقي أسلافهم في عذاب فرعون لكان ذلك لاحقا لأخلافهم فذلك كانت منة النتيجة منتين : منة على السلف ومنة على الخلف فوجب شكرها على كل جيل منهم ولذلك أوجبت عليهم شريعتهم الاحتفال بما يقابل أيام النعمة عليهم من أيام كل سنة وهي أعيادهم وقد قال الله لموسى : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) [إبراهيم : ٥].
وآل الرجل أهله. وأصل آل أهل قلبت هاؤه همزة تخفيفا ليتوصل بذلك إلى تسهيل الهمزة مدا. والدليل على أن أصله أهل رجوع الهاء في التصغير إذ قالوا : أهيل ولم يسمع أويل خلافا للكسائي.
والأهل والآل يراد به الأقارب والعشيرة والموالي وخاصة الإنسان وأتباعه. والمراد من آل فرعون وزعته ووكلاؤه ، ويختص الآل بالإضافة إلى ذي شأن وشرف دنيوي ممن يعقل فلا يقال آل الجاني ولا آل مكة ، ولما كان فرعون في الدنيا عظيما وكان الخطاب متعلقا بنجاة دنيوية من عظيم في الدنيا أطلق على أتباعه آل فلا توقف في ذلك حتى يحتاج لتأويله بقصد التهكم كما أول قوله تعالى : (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) [غافر : ٤٦] لأن ذلك حكاية لكلام يقال يوم القيامة وفرعون يومئذ محقر ، هلك عنه سلطانه.
فإن قلت : إن كلمة أهل تطلق أيضا على قرابة ذي الشرف لأنها الاسم المطلق فلما ذا لم يؤت بها هنا حتى لا يطلق على آل فرعون ما فيه تنويه بهم؟ قلت : خصوصية لفظ آل هنا أن المقام لتعظيم النعمة وتوفير حق الشكر والنعمة تعظيم بما يحف بها فالنجاة من العذاب وإن كانت نعمة مطلقا إلا أن كون النجاة من عذاب ذي قدرة ومكانة أعظم