مما بينه الله في القرآن.
فقوله : (اسْتَسْقى مُوسى) صريح في أن طالب السقي هو موسى وحده ، سأله من الله تعالى ولم يشاركه قومه في الدعاء لتظهر كرامته وحده ، كذلك كان استسقاء النبي صلىاللهعليهوسلم يوم الجمعة على المنبر لما قال له الأعرابي «هلك الزرع والضرع فادع الله أن يسقينا» والحديث في «الصحيحين».
وقوله : (لِقَوْمِهِ) مؤذن بأن موسى لم يصبه العطش وذلك لأنه خرج في تلك الرحلة موقنا أن الله حافظهم ومبلغهم إلى الأرض المقدسة فلذلك وقاه الله أن يصيبه جوع أو عطش وكلل وكذلك شأن الأنبياء فقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم في حديث وصال الصوم : «إني لست كهيئتكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني».
قال ابن عرفة في «تفسيره» أخذ المازري من هذه الآية جواز استسقاء المخصب للمجدب لأن موسى عليهالسلام لم ينله ما نالهم من العطش ورده ابن عرفة بأنه رسولهم وهو معهم ا ه. وهو رد متمكن إذ ليس المراد باستسقاء المخصب للمجدب الأشخاص وإنما المراد استسقاء أهل بلد لم ينلهم الجدب لأهل بلد مجدبين والمسألة التي أشار إليها المازري مختلف فيها عندنا واختار اللخمي جواز استسقاء المخصب للمجدب لأنه من التعاون على البر ولأن دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة وقال المازري فيه نظر لأن السلف لم يفعلوه.
وعصا موسى هي التي ألقاها في مجلس فرعون فتلقفت ثعابين السحرة وهي التي كانت في يد موسى حين كلمه الله في برية سينا قبل دخوله مصر وقد رويت في شأنها أخبار لا يصح منها شيء فقيل إنها كانت من شجر آس الجنة أهبطها آدم معه فورثها موسى ولو كان هذا صحيحا لعده موسى في أوصافها حين قال : (هِيَ عَصايَ) [طه : ١٨] إلخ فإنه أكبر أوصافها.
والعصا بالقصر أبدا ومن قال عصاه بالهاء فقد لحن ، وعن الفراء أن أول لحن ظهر بالعراق قولهم عصاتي.
و (أل) في (الحجر) لتعريف الجنس أي اضرب أي حجر شئت ، أو للعهد مشيرا إلى حجر عرفه موسى بوحي من الله وهو حجر صخر في جبل حوريب الذي كلم الله منه موسى كما ورد في سفر الخروج وقد وردت فيه أخبار ضعيفة.