بكّرا صاحبيّ قبل الهجير |
|
إن ذاك النجاح في التبكير |
تقدم ذكرها عند قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [البقرة : ٣٢] في هذه السورة وذكر فيه قصة.
وقولهم : (وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ) تنشيط لموسى ووعد له بالامتثال لينشط إلى دعاء ربه بالبيان ولتندفع عنه سآمة مراجعتهم التي ظهرت بوارقها في قوله : (فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ) [البقرة : ٦٨] ولإظهار حسن المقصد من كثرة السؤال وأن ليس قصدهم الإعنات. تفاديا من غضب موسى عليهم.
والتعليق ب (إِنْ شاءَ اللهُ) للتأدب مع الله في رد الأمر إليه في طلب حصول الخير.
والقول في وجه التأكيد في (إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ) كالقول في نظيره الأول.
والذلول ـ بفتح الذال ـ فعول من ذل ذلا ـ بكسر الذال في المصدر ـ بمعنى لان وسهل. وأما الذل ـ بضم الذال ـ فهو ضد العز وهما مصدران لفعل واحد خص الاستعمال أحد المصدرين بأحد المعنيين. والمعنى إنها لم تبلغ سن أن يحرث عليها وأن يسقى بجرها أي هي عجلة قاربت هذا السن وهو الموافق لما حدد به سنها في التوراة.
و (لا ذَلُولٌ) صفة لبقرة. وجملة (تُثِيرُ الْأَرْضَ) حال من (ذَلُولٌ).
وإثارة الأرض حرثها وقلب داخل ترابها ظاهرا وظاهره باطنا ، أطلق على الحرث فعل الإثارة تشبيها لانفلال أجزاء الأرض بثورة الشيء من مكانه إلى مكان آخر كما قال تعالى : (فَتُثِيرُ سَحاباً) [الروم : ٤٨] أي تبعثه وتنقله ونظير هذا الاستعمال قوله في سورة الروم [٩] : (وَأَثارُوا الْأَرْضَ) و (لا تَسْقِي الْحَرْثَ) في محل نصب على الحال.
وإقحام (لا) بعد حرف العطف في قوله : (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) مع أن حرف العطف على المنفي بها يغني عن إعادتها إنما هو لمراعاة الاستعمال الفصيح في كل وصف أو ما في معناه أدخل فيه حرف لا كما تقدم في قوله تعالى : (لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ) [البقرة : ٦٨] فإنه لما قيدت صفة ذلول بجملة تسقى الحرث صار تقدير الكلام أنها بقرة لا تثير الأرض ولا تسقي الحرث فجرت الآية على الاستعمال الفصيح من إعادة (لا) وبذلك لم تكن في هذه الآية حجة للمبرد كما يظهر بالتأمل.
واختير الفعل المضارع في (تثير) و (تسقي) لأنه الأنسب بذلول إذ الوصف شبيه بالمضارع ولأن المضارع دال على الحال.