وتحقيق هاته الصور بأيديكم ، ولنضرب لذلك أمثالا ترشد إلى المقصود وتغني عن البقية مع عدم التزام الدرج على القول الأصح فنقول :
(١) نسخ شريعة مع الإتيان بخير منها كنسخ التوراة والإنجيل بالإسلام.
(٢) نسخ شريعة مع الإتيان بمثلها كنسخ شريعة هود بشريعة صالح فإن لكل فائدة مماثلة للأخرى في تحديد أحوال أمتين متقاربتي العوائد والأخلاق فهود نهاهم أن يبنوا بكل ريع آية يعبثون وصالح لم ينه عن ذلك ونهى عن التعرض للناقة بسوء.
(٣) نسخ حكم في شريعة بخير منه مثل نسخ كراهة الخمر الثابتة بقوله : (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ) [البقرة : ٢١٩] بتحريمها بتاتا فهذه الناسخة خير من جهة المصلحة دون الرفق وقد يكون الناسخ خيرا في الرفق كنسخ تحريم الأكل والشرب وقربان النساء في ليل رمضان بعد وقت الإفطار عند الغروب إذا نام الصائم قبل أن يتعشى بقوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) إلى قوله : (مِنَ الْفَجْرِ) [البقرة : ١٨٧] قال في الحديث في «صحيح البخاري» ففرح المسلمون بنزولها.
(٤) نسخ حكم في الشريعة بحكم مثله كنسخ الوصية للوالدين والأقربين بتعيين الفرائض والكل نافع للكل في إعطائه مالا ، وكنسخ فرض خمسين صلاة بخمس صلوات مع جعل ثواب الخمسين للخمس فقد تماثلتا من جهة الثواب ، وكنسخ آية (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) [البقرة : ١٨٤] بقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة : ١٨٥] إلى قوله : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ١٨٤] فأثبت كون الصوم خيرا من الفدية.
(٥) إنساء بمعنى التأخير لشريعة مع مجيء خير منها ، تأخير ظهور دين الإسلام في حين الإتيان بشرائع سبقته كل واحدة منها هي خير بالنسبة للأمة التي شرعت لها والعصر الذي شرعت فيه فإن الشرائع تأتي للناس بما يناسب أحوالهم حتى يتهيأ البشر كلهم لقبول الشريعة الخاتمة التي هي الدين عند الله فالخيرية هنا ببعض معانيها وهي نسبية.
(٦) إنساء شريعة بمعنى تأخير مجيئها مع إرادة الله تعالى وقوعه بعد حين ومع الإتيان بمثلها كتأخير شريعة عيسى في وقت الإتيان بشريعة موسى وهي خير منها من حيث الاشتمال على معظم المصالح وما تحتاج إليه الأمة.
(٧) إنساء بمعنى تأخير الحكم المراد مع الإتيان بخير منه كتأخير تحريم الخمر وهو