جملة معترضة بين حكايات أحوال المشركين وأهل الكتاب ، القصد منها تأنيس الرسول عليه الصلاة والسلام من أسفه على ما لقيه من أهل الكتاب مما يماثل ما لقيه من المشركين وقد كان يود أن يؤمن به أهل الكتاب فيتأيد بهم الإسلام على المشركين فإذا هو يلقى منهم ما لقي من المشركين أو أشد وقد قال «لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود كلهم» فكان لتذكير الله إياه بأنه أرسله تهدئة لخاطره الشريف وعذر له إذ أبلغ الرسالة وتطمين لنفسه بأنه غير مسئول عن قوم رضوا لأنفسهم بالجحيم. وفيه تمهيد للتأييس من إيمان اليهود والنصارى.
وجيء بالتأكيد وإن كان النبي لا يتردد في ذلك لمزيد الاهتمام بهذا الخبر وبيان أنه ينوه به لما تضمنه من تنويه شأن الرسول.
وجيء بالمسند إليه ضمير الجلالة تشريفا للنبي صلىاللهعليهوسلم بعز الحضور لمقام التكلم مع الخالق تعالى وتقدس كأن الله يشافهه بهذا الكلام بدون واسطة فلذا لم يقل له إن الله أرسلك.
وقوله : (بِالْحَقِ) متعلق بأرسلناك. والحق هو الهدى والإسلام والقرآن وغير ذلك من وجوه الحق المعجزات وهي كلها ملابسة للنبي صلىاللهعليهوسلم في رسالته بعضها بملابسة التبليغ وبعضها بملابسة التأييد. فالمعنى إنك رسول الله وإن القرآن حق منزل من الله.
وقوله : (بَشِيراً وَنَذِيراً) حالان وهما بزنة فعيل بمعنى فاعل مأخوذان من بشر المضاعف وأنذر المزيد فمجيئهما من الرباعي على خلاف القياس كالقول في (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [البقرة : ١١٧] المتقدم آنفا ، وقيل : البشير مشتق من بشر المخفف الشين من باب نصر ولا داعي إليه.
وقوله : (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) الواو للعطف وهو إما على جملة (إِنَّا أَرْسَلْناكَ) أو على الحال في قوله : (بَشِيراً وَنَذِيراً) ويجوز كون الواو للحال.
قرأ نافع ويعقوب بفتح الفوقية وسكون اللام على أنّ (لا) حرف نهي جازم للمضارع وهو عطف إنشاء على خبر والسؤال هنا مستعمل في الاهتمام والتطلع إلى معرفة الحال مجازا مرسلا بعلاقة اللزوم لأن المعني بالشيء المتطلع لمعرفة أحواله يكثر من السؤال عنه ، أو هو كناية عن فظاعة أحوال المشركين والكافرين حتى إن المتفكر في مصير حالهم ينهى عن الاشتغال بذلك لأنها أحوال لا يحيط بها الوصف ولا يبلغ إلى كنهها العقل في