السفر في حديث معاذ حين بعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم لليمن : «كان آخر ما أوصاني رسول الله حين وضعت رجلي في الغرز أن قال حسّن خلقك للناس» ، وجاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال له أوصني قال : «لا تغضب».
فوصية إبراهيم ويعقوب إما عند الموت كما تشعر به الآية الآتية : (إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ) [البقرة : ١٣٣] وإما في مظان خشية الفوات.
والضمير المجرور بالباء عائد على الملة أو على الكلمة أي قوله : (أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [البقرة : ١٣١] فإن كان بالملة فالمعنى أنه أوصى أن يلازموا ما كانوا عليه معه في حياته ، وإن كان الثاني فالمعنى أنه أوصى بهذا الكلام الذي هو شعار جامع لمعاني ما في الملة.
وبنو إبراهيم ثمانية : إسماعيل وهو أكبر بنيه وأمه هاجر ، وإسحاق وأمه سارة وهو ثاني بنيه ، ومديان ، ومدان ، وزمران ، ويقشان ، وبشباق ، وشوح ، وهؤلاء أمهم قطورة التي تزوجها إبراهيم بعد موت سارة ، وليس لغير إسماعيل وإسحاق خبر مفصل في التوراة سوى أن ظاهر التوراة أن مديان هو جد أمة مدين أصحاب الأيكة وأن موسى عليهالسلام لما خرج خائفا من مصر نزل أرض مديان وأن يثرون أو رعوئيل (هو شعيب) كان كاهن أهل مدين. وأما يعقوب فهو ابن إسحاق من زوجه رفقة الآرامية تزوجها سنة ست وثلاثين وثمانمائة وألف قبل المسيح في حياة جده إبراهيم فكان في زمن إبراهيم رجلا ولقب بإسرائيل وهو جد جميع بني إسرائيل ومات يعقوب بأرض مصر سنة تسع وثمانين وتسعمائة وألف قبل المسيح ودفن بمغارة المكفلية بأرض كنعان (بلد الخليل) حيث دفن جده وأبوه عليهمالسلام.
وعطف يعقوب على إبراهيم هنا إدماج مقصود به تذكير بني إسرائيل (الذي هو يعقوب) بوصية جدهم فكما عرض بالمشركين في إعراضهم عن دين أوصى به أبوهم عرض باليهود كذلك لأنهم لما انتسبوا إلى إسرائيل وهو يعقوب الذي هو جامع نسبهم بعد إبراهيم لتقام الحجة عليهم بحق اتباعهم الإسلام.
وقوله : (يا بَنِيَ) إلخ حكاية صيغة وصية إبراهيم وسيجيء ذكر وصية يعقوب. ولما كان فعل (أوصى) متضمنا للقول صح مجيء جملة بعده من شأنها أن تصلح لحكاية الوصية لتفسر جملة (أوصى) ، وإنما لم يؤت بأن التفسيرية التي كثر مجيئها بعد جملة فيها معنى القول دون حروفه ، لأن أن التفسيرية تحتمل أن يكون ما بعدها محكيا بلفظه أو