حدثني أبو طاهر علي بن الحسن بن الحمامي صديقنا قال لما ورد شهاب الدولة أبو كامل منصور بن الحسين إلى بغداد سألته (١) حاجة جعلت أبا الفتح ابن النجار كاتبه سبيلها وكان لي صديقا فأبطأت عني قليلة فكتبت إليه أبياتا سألته عرضها عليه ، أولها :
يا دهر لو عدت إلى صلحي |
|
ما كنت إلا قاسر القدح |
في كل يوم منك لي وقعة |
|
مولمة ترحب من جرحي |
فقال لي بعد خطوب خيرت (٢) |
|
مفتاح ما تبقى أبو الفتح |
فاقدح به زندك في كل ما |
|
تروح منه لو رمى القدح |
إنك إن تاجرته مادحا |
|
يضيق عنه سعة المدح |
وما الذي ينظم في مدح من |
|
فزت بآمالك في الربح |
أما ترى الدهر وأحداثه |
|
دائبة تعمل في ذبحي |
قل لشهاب الدولة المرتجي |
|
واعدل إلى الجد عن المزح |
عندك هذا طارح نفسه |
|
عليك فاعرف حرمة الطرح |
واهززه في سائر ما يقتضي |
|
يهز منه عامل الرمح |
ما زلت أدعو الله في قربه |
|
فحين وافاني بلا كرح |
حل ببغداد ولكنه |
|
أبعد عني من فم الصلح |
وهي أكثر من هذا ، ولكني اقتصرت منها على العرض ، قال : فلما قرئت عليه قال: يا أبا الفتح هذه أبيات وقد حرك السلسلة بقوله : أبعد عني من فم الصلح ، اقض حاجته وعجلها! ففعل أبو الفتح ذلك.
قرأت في كتاب «التأريخ» لهلال بن المحسن الكاتب بخطه قال : سنة تسع وعشرين وأربعمائة في يوم الأحد السادس عشر منه ـ يعني صفر ـ توفي أبو طاهر علي بن الحسن بن الحمامي استادار ، ومولده في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.
أصله من الرخج ، كان كاتبا سديدا فاضلا أديبا شاعرا مجيدا بليغا ، وكان يكتب
__________________
(١) في (ج) : «سأله».
(٢) في (ب) ، (ج) : «حرب».
(٣) انظر : معجم الأدباء ١٣ / ٢١ ـ ٣١.