وقلبي أن يخامره قلق المشتاقين ، فقلت [له] (١) : ما الذي قطع بك عن الوصول إلى ما هناك؟ فقال : يا ذا النون هدانا دائم القلق ، أسرع إليه في الراحة واسأله بلوغ الأمنية ، وهو العليم بما تصلح (٢) به النفوس ، قلت له : أفتجد على قليل من الخلوة سدة ، فقال : ما أظن أحدا عرف ربه [...] (٣) يحتاج مع أنسه إلى رؤية الأهلين ولا من انقطع إليه بكله إلى أحد من المخلوقين ، قلت : هل من وصية وعظة؟ فقال : تفرطت رحمك الله ، فقال : مبادرتك إليه إذا دعاك وترك التخلف عنه إذا ناداك ، ودوام الإقبال عليه مع كثرة المبادرة إليه بخلع الراحة من نفسك ، وخذف كل ما دعاك إلى ما يبعدك منه ويحول بينك وبين الظفر بالمراد ، حتى لا يفقدك من عند نفعك ولا يجدك عند مضارك قلت : زدني! قال : إياك أن تترك حالة لحالة حتى تنفذ ما أنت عليه من مرادك فإن للعدو هاهنا مجالا ، قلت : زدني! قال : تعلم تملقه فإن لتملقه غدا فرحة تستوجب جميع الأحزان وتظفرهم بدار الكرامة والأماني ، قلت : زدني! فقال : حسبك يا ذا النون إن عملت بما أخبرتك.
حدث عن أبي الهيثم عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى بن عيسى الكوفي وأبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الخواص المصيصي وأبي الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي ، روى عنه عبد الوهاب بن جعفر الميداني.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله الشافعي بدمشق ، أنبأنا (٤) أبو القاسم علي بن الحسن ، حدثنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه ، حدثنا عبد العزيز بن محمد ، أنبأنا عبد الوهاب بن جعفر ، حدثنا علي بن أحمد بن سعيد بن سهل البغدادي المعروف بابن عفان الغازي ، حدثنا أبو القاسم عمر (٥) بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى بن عيسى الكوفي ، حدثنا عبدان بحلب ، حدثنا عمر بن سعيد ،
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(٢) في (ج) : «يصلح».
(٣) بياض في النسخ مكان النقط.
(٤) في (ب) ، (ج) : «أنبأ عمر أبو القاسم».
(٥) سبق أنه «أبو الهيثم عمرو».