من أهل ساقية سليمان ناحية بالبطائح ، قدم بغداد في صباه مع والده في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة وأقام بها مدة ، وسمع الحديث من أبي الحسن بن عبد العزيز بن السمك وأبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ وغيرهما ، ثم قدمها بعد ذلك بمدة وتفقه بها على يوسف الدمشقي ، ثم رحل إلى رحبة الشام وأقام بها [مدة] (١) مديدة يقرأ على أبي عبد الله بن المتقنة الفقيه ، ثم عاد إلى ناحيته وتولى القضاء بها وبالعراق ، وكان فاضلا ، قدم بغداد أخيرا في سنة أربع وتسعين وخمسمائة ، وروي بها شيئا من الأناشيد عن والده وعن ابن المتقنة ، كتب عنه رفيقنا أبو القاسم بن الحمامي.
أنشدني أبو القاسم موهوب بن سعيد الحمامي ، أنشدني القاضي أبو الحسن علي ابن جابر بن زهير البطائحي ببغداد قدم علينا ، أنشدني أبو عبد الله محمد بن الحسن ابن المتقنة الفقيه بالرحبة لنفسه يعارض الحريري في بيتيه اللذين قال فيهما :
اسكنا كل نافث وأمنا |
|
أن يعززا بثالث وهما سم سمه |
فحسن آثارها فقال :
ما الأمة الوكفاء بين الورى |
|
أحسن من حر أتى ملامه |
فمه إذا استجديت (٢) عن قول |
|
«لا» فالحر لا يملأ منها فمه |
سمعت أبا عبد الله محمد بن سعيد الواسطي يقول : سألت القاضي علي بن جابر البطائحي عن مولده ، فقال : في شهر رمضان من سنة تسع وعشرين وخمسمائة ، وتوفي في منحدره من بغداد إلى واسط في سنة أربع وتسعين وخمسمائة.
من أهل أطرابلس المغرب ، قدم بغداد شابا واستوطنها ، وسكن بدار الخلافة ، وصار من شيوخ التجار وأعيانهم ذا مكانة عند الأكابر والأصاغر ، وهو حافظ لكتاب الله ، حسن الطريقة ، متدين كثير الصدقة والمعروف ، طيب الأخلاق ، متودد مسارع إلى قضاء حوائج الناس ، حدث بكتاب الموطأ لمالك بن أنس عن الإمام الناصر لدين الله
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ، (ب).
(٢) في الأصل ، (ب) : «استحدثت».