المتنوعة التي تخطط للحياة الإنسانية ، لتسير في الاتجاه الصحيح الذي ينسجم مع عناصر الحياة المودعة في شخصية الإنسان ، وفي حركة السنن الكونية في الحياة. وربما كان هذا ما استوحى منه الإمام الصادق عليهالسلام ـ في ما روي عنه ـ أن المراد بالحرث هنا الدين ، وبالنسل الإنسان ؛ باعتبار أن الله زرع الدين في نظام الإنسان في الحياة ، تماما كما هو الزرع في نظام الأرض ؛ الأمر الذي جعل من هذا النموذج الذي يتولى المسؤوليات العامة في المجتمع ، مشكلة للناس في منع انطلاقة الدين في خط الاستقامة الذي يؤدي إلى الصلاح ، وذلك هو هلاك الحرث الاجتماعي في نظام الحياة ، على سبيل الاستيحاء لا على سبيل المعنى. والله العالم.
وقد تكون كلمة (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) واردة على نحو الكناية ، لأن الطغاة المنافقين الذين يتولون أمور الأمة يعملون على إبادة حضارتها الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية ، بحيث لا تبقى هناك أية قوة لأي وجود ، ولا أية ثروة لأية جماعة ؛ فكأنه يهلك الحرث والنسل ، لأنه يهلك الواقع السليم كله. وهذه عبارة تتكرر في الأساليب الأدبية في مقام التعبير عن الإنسان الذي يخرب الواقع كله.
(وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ) ووقف أمامه الناصحون والناقدون لينصحوه ، ويبيّنوا له خطأ السبيل التي يسير فيها ، وليعظوه ، ويوجهوه إلى خط التّقوى الذي يدفعه إلى مراقبة الله في كل شؤون الحكم والحياة (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) ، فتمسك به والتزمه اعتزازا به ، فلم يستمع للنصائح ، ولم يأخذ بالمواعظ ؛ بل امتد في طغيانه واستعلى واستكبر في عملية إيحاء كاذب بأنه فوق مستوى النقد والشبهات ، فهو الذي يعطي للآخرين برنامج العمل ويحدد لهم مسيرة الحياة ، فلا يجوز لأحد أن يحدد له برنامجه ومسيرة حكمه.
وتختم الآية الصورة بالمصير الذي ينتظر مثل هذا الإنسان (فَحَسْبُهُ