فأيكما يؤثر أخاه؟ فكلاكما آثر نفسه على صاحبه : ألا كنتما مثل وليّي علي بن أبي طالب عليهالسلام ؛ آخيت بينه وبين محمد نبيي ، فآثره بالحياة على نفسه ، ثم رقد على فراشه ، يقيه بمهجته. اهبطا إلى الأرض جميعا واحفظاه من عدوه.
فهبط جبرائيل فجلس عند رأسه وميكائيل عند رجليه ، وجعل جبرائيل يقول : بخ بخ ، من مثلك يا بن أبي طالب؟ والله يباهي بك الملائكة ، فأنزل الله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ) الآية (١).
ولم تركز الآية على شخصية علي عليهالسلام ، بل أطلقت التعبير (وَمِنَ النَّاسِ) لأن القضية هي أن الله يريد للنموذج ـ الفكرة أن ينطلق ليكون عاما في حياة الناس ، وذلك من خلال النموذج الأمثل في مقابل النموذج السيّئ الذي لا يفكر إلا بذاته وشخصه.
إننا نجد في حياة الإمام علي عليهالسلام حركة الصورة في الحياة في ما يمثله هذا الإمام العظيم من طاقات رائعة في الفكر والتقوى والشجاعة والإبداع ، حيث فجرها بأجمعها في خدمة الإسلام والمسلمين ، بعيدا عن كل مصلحة ذاتية ، حتى قال : «ما ترك الحق لي صديقا» .. ولم يبدد أيّ واحدة منها في الترف أو الفراغ أو خدمة الذات ...
* * *
__________________
(١) البحراني ، هاشم ، البرهان في تفسير القرآن ، دار الهادي ، بيروت ـ لبنان ، ط : ٤ ، ١٤١٢ ه ـ ١٩٩٢ م ، ج : ١ ، ص : ٢٠٧.