الناس بأن المسألة كانت سهوا ـ كأي سهو آخر مما يحدث للناس ـ لو صحت الرواية.
إنّ قضية الغرض الإلهي في وصول الوحي إلى الناس ، لا يستلزم إلا الوصول في نهاية المطاف من غير خطأ ، ولكن لا مانع من حدوث بعض الحالات التي يقع فيها الخطأ ، لا ليستمر ، بل لينقلب إلى صواب تؤكده القرائن القطعية التي توحي بالحقيقة في وجدان الإنسان. ويتابع العلّامة الطباطبائي حديثه في العصمة ليشمل ـ في استيحاء هذه الآية مع آية ثانية ـ العصمة عن المعصية في العمل فيقول : «يمكن تتميم دلالتهما على العصمة من المعصية أيضا بأن الفعل دال كالقول عند العقلاء. فالفاعل لفعل يدل بفعله على أنه يراه حسنا جائزا كما لو قال : إن الفعل الفلاني حسن جائز ، فلو تحققت معصية من النبي وهو يأمر بخلافها ، لكان ذلك تناقضا منه ، فإن فعله يناقض حينئذ قوله ، فيكون حينئذ مبلغا لكلا المتناقضين. وليس تبليغ المتناقضين بتبليغ للحق ، فإنّ المخبر بالمتناقضين لم يخبر بالحق لكون كل منهما مبطلا للآخر ؛ فعصمة النبي في تبليغ رسالته لا تتم إلا مع عصمته عن المعصية وصونه عن المخالفة كما لا يخفى» (١).
ونلاحظ على ذلك أن ما ذكره من دلالة الفعل على نهج دلالة القول صحيح ـ من ناحية المبدأ ـ وذلك في الحالة العادية الطبيعية للتعبير الإنساني بواسطة النقل ؛ ولكن قد ينطلق الفعل من الإنسان على أساس الواقع العملي الذي قد يتحرك فيه من خلال أوضاعه الشخصية الخاضعة لبعض النزوات الطارئة بفعل الضغوط الداخلية أو الخارجية ، الحسية والمعنوية ، فيتراجع عنها لمصلحة المبدأ الذي كان قد بيّنه للناس من موقع الوحي أو نحوه ، تماما كما هي الحالة الجارية في سلوك المصلحين والرساليين ـ حتى الأتقياء منهم ـ في
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٢ ، ص : ١٣٧.