وفي هذا الإطار ، اعتبرت العبادات الإسلامية من ركائز الإسلام ، باعتبار علاقتها ببناء الشخصية الإسلامية للإنسان في ما يفكر ويعمل ويمارس من علاقات عامه وخاصه ، وفي ما يخطط له من غايات ، وما يستخدم من وسائل ، وذلك من خلال تعدد وتنوع أساليبها وتنوعها ، وفي ما تثيره من مشاعر ، وما تحركه من نوازع وأفكار.
وقد نلاحظ في روعة التشريع العبادي في الإسلام ، أنه حرّك العبادة في إطار العطاء فاعتبر العطاء عبادة ، وأطلقها في الحياة فقرر أن العمل في سبيل طلب الحلال عبادة ، وأثارها في خط الدفاع عن الإنسان وقيمه الكبيرة في الحياة ، فالجهاد في سبيل الله عبادة يتعبّد فيها الإنسان لربّه ، وأفسح المجال للنية الخالصة في داخل الإنسان ، لتعطي كل عمل يقصد به الإنسان وجه ربّه في كل شأن من شؤون الحياة الذاتية والعامة ، صفة العبادة التي تقربه إلى الله.
وكان الصوم إحدى العبادات التي بني عليها الإسلام حسب ما ورد في أحاديث أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، فقد فرضه الله على المؤمنين في الإسلام ، كما فرضه على المؤمنين قبلهم في الشرائع السابقة ، فقد ورد في قاموس الكتاب المقدس : «الصوم بشكل عام وفي جميع الأوقات كان متداولا في أوقات الأحزان والنوائب بين جميع الطوائف والملل والمذاهب» (١).
ويظهر من التوراة أن موسى عليهالسلام صام أربعين يوما ، فقد جاء فيها : «أقمت في الجبل أربعين ليلة لا آكل خبزا ولا أشرب ماء. وكان اليهود يصومون لدى التوبة والتضرّع إلى الله. واليهود كانوا يصومون غالبا حينما تتاح لهم الفرصة للإعراب عن عجزهم وتواضعهم أمام الله ، ليعترفوا بذنوبهم عن طريق الصوم والتوبة ، وليحصلوا على رضى ضرة القدس الإلهي» (٢).
__________________
(١) قاموس الكتاب المقدس ، ص : ٤٢٧.
(٢) التوراة ، سفر التثنية ، إصحاح : ٩ ، الرقم : ٩.