ولكنه لا يلغيها ، بل قد تعود ـ بعد الإفاقة منه ـ بقسوة أكبر وألم أعمق. تماما كما يحدث للمريض الذي يصرخ من الألم ثم يهدأ بتناول المخدرات ، ليعود إلى آلامه بإحساس أكثر قسوة عند انتهاء مفعول التخدير. كما أن النتائج السلبية الصحية والعقلية والاجتماعية الناتجة من السكر تدخله في أكثر من مشكلة تتعب حياته ، وتدمرها ، وتؤدي بها إلى الهلاك في بعض الحالات.
وهكذا نجد القمار ، في قضية المنفعة التي يحصل عليها المقامر في الأرباح الطارئة ، فإنها لا بد من أن تلتقي في التجربة الثانية والثالثة وغيرها في اللعب بالخسائر المدمّرة التي تجعل الربح ـ الذي حصل عليه ـ لا معنى له أمام خسارته الجديدة التي قد لا يبقى له معها أي شيء.
وإذا كانت المضار أكبر من المنافع ، فمن الطبيعي أن يحرّمهما الله ، ولا يمكن له أن يحللهما من خلال لطفه بعباده الذي يقرّبهم إلى ما يصلح أمرهم في الحياة ، ويبعدهم عما يفسدها في أوضاعهم العامة والخاصة ، لأن التشريع وسيلة من الوسائل لإدخال الإنسان في ما يحبه الله من الخير وابعاده عما يبغضه من الشر ، ويتصل بالسلامة العقلية والروحية والجسدية للإنسان على الصعيد الفردي والاجتماعي ، فالشريعة هي عناوين المصالح والمفاسد الكامنة في أفعال الإنسان ، فلا يأمر الله إلا بما فيه صلاح الإنسان ، ولا ينهى إلا عما فيه فساد حياته.
ولعل هذه المسألة ، وهي تغليب الجانب الأقوى على الجانب الأضعف في مسألة التشريع في التحريم والتحليل ، هي الطريقة العقلائية التي يجري عليها العقلاء في قضاياهم السلبية والإيجابية. فإذا كانت المصلحة أقوى من المفسدة في الفعل ، كان الموقف إيجابيا لحساب المصلحة ، وإذا كانت المفسدة أقوى من المصلحة ، كان الموقف سلبيا لحساب المفسدة. ونلاحظ ـ في هذا المجال ـ أنهم يقبحون للإنسان اختيار ما كان ضرره أكبر من نفعه ،