الدَّاعِ إِذا دَعانِ) من كل عمق الإخلاص في قلبه ، وصدق المسألة في لسانه ، وحقيقة الإحساس بالفقر والحاجة في روحه ، وخفقة الإحساس في شعوره ، ورقة الدموع في عينيه ، ورعشة الخشوع في كيانه ... إنه الدعاء الذي ينبع من وجود الذات في إنسانيتها المؤمنة بخالقها ، المنفتحة عليه ، المستغيثة به ، المستجيرة بقدرته ، الراجعة إليه في كل أمورها ، من دون وسيط بل ، هو العبد بين يدي ربه ...
وإذا عاش الإنسان هذا الروح الإلهي في الدعاء ، كانت الإجابة قريبة منه لطفا به ورحمة له. وقد يؤخّر الله الإجابة لمصلحته ، لأن المسألة التي أرادها لم تتوفر عناصر وجودها في هذا الوقت من خلال الظروف الخاصة أو العامة ، أو لم تكن له المصلحة في الإجابة الآن ، وقد لا تتحقق الإجابة أصلا لأن مضمون الدعاء لم يكن مرضيا عند الله لاشتماله على طلب حرام ، أو ترك واجب ، أو مضرة إنسان لا يستحق إيقاع الضرر به ، أو لتعلقه ببعض الأمور التي لا تتناسب مع حركة النظام الكوني أو الاجتماعي العام ، ونحو ذلك ... فإن مسألة الإجابة ليست مطلقة من خلال رغبة الإنسان ومزاجه ، بل من خلال مصلحته ، لأن الاية واردة ـ على الظاهر ـ في التدليل على استجابة الله لدعاء الداعي من حيث المبدأ ، في مقابل عدم الاستجابة له مطلقا ، كما قد يحدث في بعض الناس الذين لا يستجيبون للطلبات المقدمة إليهم تكبرا وترفعا وتجبرا على الطالبين ، لتبين بأن الله يستجيب للداعين دعاءهم من موقع قربه إليهم ، وإلى ما يصلح أمرهم ويحقق لهم غاياتهم ، مع عدم وجود مانع ذاتي في متعلق الدعاء للإنسان أو لغيره من الناس أو للحياة من حوله.
وقد ورد أن من شروط استجابة الدعاء الإقبال على الله بقلبه ، بحيث ينفتح على الله بوعي الكلمة والموقف بين يديه ، فلا يستجيب دعاء اللاهي الغافل الذي يتحوّل الدعاء عنده إلى كلمات لا عمق لها في القلب. فقد جاء في حديث الإمام جعفر الصادق عليهالسلام عن سليمان بن عمرو قال : سمعت أبا