ليكون قريبا إلى ربه بالاستجابة له والإيمان به كما أن ربه قريب إليه ، وفي كلا الحالين تعود المنفعة له.
(لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) لأنهم إذا استجابوا لله انطلقوا في خط الوعي للحياة في كل قضاياها العامة والخاصة ، ولإنسانيتهم في كل خصائصها الداخلية والخارجية ، وتحركوا نحو الأهداف من موقع الرشد العملي الذي يضع الأمور في مواضعها.
وإذا آمنوا به الإيمان العميق الشامل الذي ينطلق من سكينة العقل وطمأنينة الروح ، فإنه يقف على أرض صلبة ثابتة بعيدة عن الاهتزاز ، ويسير إلى الحياة من خلال انطلاق الوجود من مبدأ الإله الواحد الذي ينطلق الخير منه ، ويقف الحق عنده ، وتنطلق الرحمة منه ، مما يعني الانطلاق في خط الرشد الفكري الذي ينفتح على الله الذي هو الحق ، ليكون الفكر كله حقا لا مجال للباطل معه.
وإذا كان اعتبار الرشد هدفا من الاستجابة لله والإيمان به ، فإن من الممكن أن نستوحي من ذلك أن الله ـ سبحانه ـ يوجه عباده إلى السير على خط الإيمان بالله ، الذي يجعل العقل يشرق بالنور الإلهي ، ليتأسس التوحيد على قاعدة للفكر تبتعد به عن كل الآلهة المزعومين ، ممن يؤلّهون أنفسهم ، أو يؤلّههم الناس من دون الله ، ليستقيم لهم أن يوحدوا الخط العملي في خط الاستقامة ، وإلى الاستجابة لله في خطوط الإسلام الفكرية والعملية ، حيث يتحول الإنسان من خلال تأثير ذلك في الشخصية إلى إنسان رشيد في عقله وفي حركته وعلاقته بالآخرين ، بحيث يحرّك طاقاته في المواقع التي تمنح الحياة العامة ما تحتاجه منها ، فلا يضيع منها شيء في الفراغ أو في ما لا ينفع الحياة والناس ، سواء كانت الطاقات طاقات الإنسان في داخل ذاته ، أو في الزمن الذي جعله الله مسئولية الإنسان في الانتفاع به في كل مفرداته الصغيرة والكبيرة ، لأنه يمثل عمره في مراحله المتعددة ، أو في القوى المادية التي