الانتحار الفردي أو الجماعي محرّم عند الله ، في غير المواقف الشرعية التي تفرض ذلك.
وقد ورد في بعض الأحاديث عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام ما يوحي بأن الآية واردة في الانتحار المالي ـ إذا صح التعبير ـ وذلك بأن ينفق الإنسان ما لديه من المال بحيث لا يبقى معه شيء. فقد جاء في كتاب الكافي عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) قال : لو أن رجلا أنفق ما في يديه في سبيل من سبيل الله ما كان أحسن ولا وفّق. أليس تعالى يقول : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) يعني المقتصدين» (١).
والظاهر أن الحديث المشار إليه وارد في مورد التطبيق لا التعيين ؛ فإن الآية مطلقة لكل عمل يؤدي إلى التهلكة ، سواء من ناحية الخطر على الحياة ، أو من ناحية الخطر على حاجاتها الطبيعية التي قد تؤدي إلى الخطر على الحياة في نهاية المطاف.
وهناك تفسيران آخران يربطان الإلقاء في التهلكة بالجانب السلبي في حركة الإنسان ؛ الأول : أن يكون ترك الجهاد موجبا للتهلكة ، وذلك في ما روي في الدر المنثور بطرق كثيرة عن أسلم أبي عمران ، قال : «كنا بالقسطنطينية ، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر ، وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد ؛ فخرج صف عظيم من الروم فصففنا لهم ، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ، فصاح الناس وقالوا : سبحان الله ، يلقي بيديه إلى التهلكة ، فقام أبو أيوب صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا أيها الناس ، إنكم تتأوّلون هذه الآية هذا التأويل ، وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار ، إنا لما أعز الله دينه وكثر ناصروه ، قال بعضنا لبعض سرّا دون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
__________________
(١) الكافي ، ج : ٤ ، ص : ٥٣ ، رواية : ٧.