«إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر» (١).
«ألا إن الداعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين السلّة والذلة ، وهيهات ما آخذ الدنية ، أبى الله ذلك ورسوله ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حمية ونفوس أبية ، لا تؤثر مصارع اللئام على مصارع الكرام» (٢).
فلم تكن المسألة لديه دائرة في نطاق احتمالات السلامة ، لأن الظروف كلها لا توحي بأي احتمال لذلك أمام رفض الاستسلام لما يفرضونه عليه ، كما أنها لم تكن اعتقادا بأنهم سيقتلونه على كل حال ، حتى لو استسلم إليهم ، بل كانت المسألة هي التحرك من موقع العناوين الإسلامية الكبرى التي تتحرك في خط التضحية والشهادة في الواقع الذي يحيط به والذي قد يفرض الصدمة الروحية الجهادية التي تهز أعماق المسلمين في الاتجاه الذي يضع الثورة في المستقبل.
إن هذا المبدأ الذي تقرره هذه الآية ينطلق في دائرة الحالات الفردية التي يتحرك فيها الإنسان في حياته الخاصة لأهدافه الذاتية ، ولا يقترب من العناوين الكبرى القائمة على أساس الخطر كالجهاد الذي لا ينفصل عن تعريض النفس للتهلكة على المستوى الفردي ، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القضايا العامة في الظروف المشابهة لحركة الإمام الحسين عليهالسلام التي تواجه السلطة الحاكمة من موقع الشخصية التي يعتقد الناس قيادتها الشرعية ، كما هي كذلك على أساس طبيعة الأمور ، مما يجعل التكليف الشرعي يتحرك في دائرة الخطر في نطاق الظروف الموضوعية.
ولذلك فلا بد من دراسة المسؤوليات الشرعية الكبرى في قضايا الحرية
__________________
(١) البحار ، م : ١٤ ، ج : ٤٤ ، ص : ٦٣٧ ، باب : ٣٧ ، رواية : ٢.
(٢) م. ن. ، م : ١٥ ، ج : ٤٥ ، ص : ٩ ، باب : ٣٧.