الجاهلية ، وأقرّه الإسلام وزاد فيه بعض المناسك. والحج ـ لغة ـ هو القصد ، ويقصد به هنا القصد إلى النسك المخصوص. أما العمرة فهي زيارة البيت الحرام على نحو خاص.
(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) لا بد للإنسان من إتمام الحج والعمرة إذا بدأهما بالإحرام لهما ، وذلك بالإتيان بكل الواجبات التي تدخل في نطاق تكوين الفرض في الحالات الاختيارية أو الاضطرارية. وإذا كانت الآية تؤكد على أن يكون هذا الإتمام لله ، فمعنى ذلك أنهما من العبادات التي لا بد من أن يقصد بها وجه الله ، فيشعر الإنسان معها بالحاجة إلى القرب من الله من خلال ما يؤديه من الأعمال التي تتضمن في داخلها أقوالا أو أفعالا أو أفكارا يتعبد فيها الإنسان إلى ربه ...
ولعل القيمة الكبرى للعبادات الإسلامية ، أنها لا تمثل مجرد حالة وجدانية ذاتية غارقة في ضباب المحبّة وغيبوبة الخشوع ، ليبقى الإنسان بعيدا عن حركة الحياة عند ما يقف بين يدي الله ، بل هي تعبير عن الخط الإسلامي العملي في علاقة العبد بربّه ، حيث يلتقي الجانب الروحي بالحياة في أوسع مجالاتها وأرحب آفاقها ، ليتصور معها حياته التي تضج فيها الحركة ، فنجد في الصلاة الكلمات التي تمثلها سورة الفاتحة بالإضافة إلى السورة الأخرى التي يختارها المصلي تبعا لحاجته الروحية والفكرية ، فنلتقي بالتصور الإسلامي لله في صفاته المتصلة بحركة الحياة في مخلوقاته من التربية والرعاية والرحمة ، وبطبيعة العلاقة التي تشد الإنسان إلى الله ، وبالتوجه إليه في مجال الصراع الذي تزدحم فيه التيارات الضالة والجاحدة في مقابل الخط المستقيم ... وهكذا تتحرك الصلاة في كيان الإنسان ، فتتحرك الأفكار والتصورات الإسلامية في وجدانه ليستقيم له من خلالها الوعي الروحي والفكري والعملي في كلمات وأفعال يتحرك فيها المضمون في روح نابضة بالحياة.
فإذا التقينا بالحج ، فإننا نلتقي بالعبادة الزاخرة بأكثر من معنى ، فهي