امّ الولد ، وروى انّه ليس للصبىّ لبن خير من لبن أمّه (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) يعنى هذا الحكم لمن أراد من النّساء أو الرّجال ان يتمّ الرضاعة والّا جاز الاقتصار على اقلّ من ذلك أو يرضعن للآباء الّذين أرادوا ان يتمّوا الرضاعة (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ) اى الاباء والتأدية بهذه العبارة للاشارة الى انّ الأولاد للآباء ولا شركة للامّهات فيهم وللاشارة الى علّة الحكم (رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) بالنّسبة الى المعطى بان لا يكون بنحو يضرّه وبالنّسبة الى المنفق عليها بان لا يكون غير موافق لما يقتضيه شأن أمثالها ، ظاهر الآية وجوب الإرضاع على الامّهات كنّ في بيوت الآباء اوّلا ، ووجوب الإنفاق على الآباء كنّ في بيوتهم أو في بيوت أزواج غيرهم ولكنّ الاخبار والفتاوى غير ذلك (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها) قد فسّر الوسع بالجدّة وبالطّاقة لكنّ المراد به في القرآن كلّما استعمل هو ما تسعه النّفس سواء كان من الأموال أو من الأفعال فهو اسم مصدر بمعنى ما تسعه النّفس اى مال يسعه مال النّفس بمعنى انّه لا يظهر بالإنفاق النّقصان فيه أو فعل تسعه النّفس بمعنى انّه لا يظهر على النّفس منه كلفة فوسع النّفس دون طاقتها في الفعال ، ودون التضرّر به في الأموال ، وهو تعليل للتّقييد بالمعروف كما انّ قوله تعالى (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها) بدل تفصيلىّ من قوله (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها) على قراءة رفع لا تضارّ وامّا على قراءة فتحها فهي منقطعة عمّا قبلها مستأنفة (وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) ويجوز جعل لا تضارّ مبنيّا للفاعل ومبنيّا للمفعول ولا فرق فيهما بحسب المعنى ، والمضارّة بالولد اعمّ من التمانع عن حقوق الزوجيّة خوفا على الولد ، أو التقتير في الإنفاق عليها بحسب ماله أو بحسب حالها ، والإجحاف في ماله كذلك ، أو منعها من إرضاع الولد مع ميلها ذلك ، أو ابائها عنه مع ان لم يوجد بدلها ، أو لم يألف الولد بغيرها ، عن الصّادق (ع): إذا طلّق الرّجل المرأة وهي حبلى أنفق عليها حتّى تضع حملها فاذا وضعته أعطاها أجرها ولا يضارّها الّا ان يجد من هو أرخص اجرا منها فان هي رضيت بذلك الأجر فهي احقّ بابنها حتّى تفطمه (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) وهذا من المجملات المحتاجة الى البيان يعنى على وارث المولود له الإنفاق والكسوة للمرضعة بعد موت المولود له لكن بقدر اجرة الرّضاع من مال الولد ان كان له ارث (فَإِنْ أَرادا فِصالاً) اى قبل الحولين والّا فبعد الحولين لا حاجة الى التّقييد بقوله تعالى (عَنْ تَراضٍ مِنْهُما) يستفاد من هذا القيد انّ رضى الامّ شرط في فطام الولد وهو كذلك قبل الحولين لانّ لها الحضانة في الحولين وهي تقتضي ان يكون الفطام قبلهما برضاها (وَتَشاوُرٍ) منهما طلبا لما هو صلاح الولد ، والأمر بمشورة الامّ هاهنا مع كراهة مشورة النّساء لكونها ابصر بحال الولد (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) في الفطام قبلهما وهذا توسعة في الرّضاع بعد تحديده بالحولين والتّضييق فيه ، ولمّا قال والوالدات يرضعن أولادهنّ وعلى المولود له رزقهنّ وكسوتهنّ توهّم من ظاهره وجوب إرضاع الوالدات ووجوب إنفاق الآباء فأراد رفع ذلك التّوهّم وانّ هذا أمر غير واجب الّا بعوارض فقال : (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا) تطلبوا من يرضع (أَوْلادَكُمْ) غير الامّهات (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) وهذا أيضا من المجملات فانّه بظاهره يدلّ على جواز الاسترضاع من غير الامّهات مع وجودهنّ وارضاعهنّ بلا اجرة أو بأجرة مثل اجرة الغير وكفاية لبنهنّ لهم وليس كذلك لانّه ينافي حضانتهنّ الواجبة على القول به (إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ) ما أردتم أو ينبغي ايتاؤه المراضع أو الامّهات على حسب الشّرط أو على حسب امر الله تعالى يعنى انّ للامّهات