كَذلِكَ) التّبيين لأحكام النّساء في توفّى أزواجهنّ وفي طلاقهنّ (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) الثّابتة في حقّ أنفسكم وفي حقّ مخالطيكم ومخالطاتكم (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) تصيرون عقلاء أو تدركون بعقولكم كونها آيات وأحكام لله وتدركون مصالحها وحكمها (أَلَمْ تَرَ) استفهام إنكارىّ وكان حقّ العبارة ان يقول الم تذكر لكنّه أتى بالرّؤية الدّالّة على جواز الرّؤية لهم للاشعار بأنّهم وان كانوا قد مضوا ولا يراهم المقيّدون بالزّمان لكنّهم بالنّسبة اليه (ص) حاضرون فانّ الأزمان بالنّسبة اليه (ص) منطوية ولا فرق عنده (ص) بين الماضي والمستقبل والحال لكونه (ص) محيطا بالزّمان والزّمانيّات (إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ) قولا مناسبا لشأنه لا بنداء يسمع ولا بصوت يقرع بل بإرادة هي ظهور فعله (لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) روى انّ هؤلاء كانوا أهل مدينة من مدائن الشّام وكانوا سبعين الف بيت وكان الطّاعون يقع فيهم في كلّ أو ان فكانوا إذا أحسّوا به خرج من المدينة الأغنياء لقوّتهم وبقي فيها الفقراء لضعفهم فكان الموت يكثر في الّذين أقاموا ويقلّ في الّذين خرجوا ، فيقول الّذين خرجوا : لو كنّا أقمنا لكثر فينا الموت ، ويقول الّذين أقاموا : لو كنّا خرجنا لقلّ فينا الموت ، قال : فاجتمع رأيهم جميعا انّه إذا وقع الطّاعون وأحسّوا به خرجوا كلّهم من المدينة فلمّا أحسّوا بالطّاعون خرجوا جميعا وتنحّوا عن الطّاعون حذر الموت فسافروا في البلاد ما شاء الله ثمّ انّهم مرّوا بمدينة خربة قد جلا أهلها عنها وأفناهم الطّاعون فنزلوا بها ، فلمّا حطّوا رحالهم واطمأنّوا قال لهم الله : موتوا جميعا فماتوا من ساعتهم وصاروا رميما يلوح وكانوا على طريق المارّة فكنستهم المارّة فنحوّهم وجمعوهم في موضع فمرّ بهم نبىّ من أنبياء بنى إسرائيل يقال له حزقيل فلمّا رأى تلك العظام بكى واستعبر وقال : يا ربّ لو شئت لأحييتهم السّاعة كما أمتّهم فعمروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك من خلقك ، فأوحى الله اليه أفتحبّ ذلك؟ ـ قال : نعم يا ربّ ؛ فأحياهم الله ، قال : فأوحى الله عزوجل ان قل كذا وكذا ؛ فقال الّذى أمره الله عزوجل ان يقوله قال ، قال ابو عبد الله (ع) : وهو الاسم الأعظم ؛ فلمّا قال حزقيل ذلك نظر الى العظام يطير بعضها الى بعض فعادوا احياء ينظر بعضهم الى بعض يسبّحون الله عزوجل ويكبّرونه ويهلّلونه ، فقال حزقيل عند ذلك : اشهد انّ الله على كلّ شيء قدير ، وذكر في نيروز الفرس انّ النّبىّ (ص) أمره الله ان صبّ الماء عليهم فصبّ عليهم الماء في هذا اليوم فصار صبّ الماء في يوم النّيروز سنّة ماضية لا يعرف سببها الّا الرّاسخون في العلم ، وروى انّ الله ردّهم الى الدّنيا حتّى سكنوا الدّور وأكلوا الطّعام ونكحوا النّساء ومكثوا بذلك ما شاء الله ثمّ ماتوا بآجالهم (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) تعليل للأحياء بعد الاماتة أو لمجموع الاماتة والأحياء بعدها اى أماتهم ثمّ أحياهم ليستكملوا بذلك لانّ الله ذو فضل على النّاس أو ليعتبر غيرهم بهم لانّ الله ذو فضل على النّاس فيجعل بعضهم عبرة للآخرين (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) فضله عليهم فلا ينظرون الى انعامه ولا يصرفون نعمته فيما خلقت لأجله (وَقاتِلُوا) عطف على مقدّر مستفاد ممّا سبق كأنّه قال : فلا تحذروا الموت وكلوا أمركم الى القدر فانّه لا ينجى الحذر من القدر وقاتلوا (فِي سَبِيلِ اللهِ) قد مضى بيان سبيل الله وانّ الظّرف لغو أو مستقرّ والظّرفيّة حقيقيّة أو مجازيّة وانّ المعنى قاتلوا حالكونكم في سبيل الله أو في حفظ سبيل الله وإعلانه وانّ سبيل الله الحقيقىّ هو الولاية وطريق القلب وكلّ عمل يكون معينا على ذلك أو صادرا منه فهو سبيل الله (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لما يقوله المجاهدون والقاعدون والمثبّطون والمرغّبون (عَلِيمٌ) بالمتخلّف