ليس فيه الّا المغلوبيّة والهلكة ، أو لفظة لو ليست للنّفى في الماضي انّما هو للشّرط في المستقبل يعنى إذا علمنا بالمقاتلة لاتّبعناكم فيها وانّما قالوه استهزاء بهم أو دفعا لهم في الحال الحاضر وقصدا لعدم الإنكار صريحا (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ) جواب لسؤال مقدّر أو حال والمعنى انّهم كانوا على الإسلام لكنّهم بظهور نفاقهم كأنّهم وقعوا بين الكفر والايمان وصاروا أقرب الى الكفر (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ) يعنى لا بالكتابة ولا بالاشارة ولا بالسّيرة والأحوال ، أو يقولون بأفواههم لا بقلوبهم ، أو يقولون بأفواه أنفسهم لا بأفواه غيرهم (ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) من قولهم لو نعلم قتالا لاتّبعناكم اى وقت اطّلاعنا على القتال وافقناكم وليس هذا مطابقا لاعتقادهم ، أو من إظهار نبوّة النّبىّ (ص) وليس في قلوبهم ذلك الاعتقاد (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) من الاعتماد على الأسباب وعدم الاعتقاد بالله وبنبوّة النّبىّ (ص) ، نسب الى الصّادق (ع) انّه قال في مقام تثريب بعض من ضعفاء الاعتقاد ومن ضعف يقينه تعلّق بالأسباب ورخصّ لنفسه بذلك واتّبع العادات وأقاويل النّاس بغير حقيقة والسّعى في أمور الدّنيا وجمعها وإمساكها ، يقرّ باللّسان انّه لا مانع ولا معطي الّا الله وانّ العبد لا يصيب الّا ما رزق وقسم له ، والجهد لا يزيد في الرّزق وينكر ذلك بفعله وقلبه قال الله تعالى : (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ) اى في حقّهم والجملة مستأنفة جواب لسؤال مقدّر محذوفة المبتدأ ، أو محذوفة الخبر اى هم الّذين قالوا ، أو الّذين قالوا هؤلاء المنافقون ، أو مفعول لفعل محذوف على الذّمّ ، أو بدل من فاعل يكتمون ، أو ضمير قلوبهم ، أو خبر بعد خبر للضّمير في قوله : هم للكفر ، أو صفة للّذين نافقوا (وَقَعَدُوا) عطف على قالوا أو حال بتقدير قد (لَوْ أَطاعُونا) في القعود وعدم الخروج من المدينة (ما قُتِلُوا) وقد كان ديدن النّساء والرّجال الّذين هم كالنّساء في ضعف الاعتقاد والتّوسّل بالأسباب ان يكرّروا بعد وقوع قضيّة أسباب عدم وقوعها ويؤدّونه بلو كان كذا لما كان كذا ويكون ذلك اشدّ في تحسّرهم (قُلْ) لهم (فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) انّ تدبيركم ابقاكم وانّ إخوانكم لمّا خرجوا من تدبيركم وقولكم هلكوا (وَلا تَحْسَبَنَ) عطف على قل أو على فادرؤوا ، أو الخطاب لمحمّد (ص) أو لكلّ من يتأتّى منه الخطاب ، وقرئ بالياء على اسناده الى الرّسول (ص) أو الى من يتأتّى منه الحسبان ، أو إلى الظّاهر بعده اى لا يحسبنّ (الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أنفسهم (أَمْواتاً) بحذف المفعول الاوّل وهذا ردّ على المنافقين حيث قالوا : لو كانوا عندنا ما ماتوا ولو أطاعونا ما قتلوا (بَلْ) هم (أَحْياءٌ) حيوة أتمّ وأكمل وأشرف وأعلى من هذه الحيوة الدّانية (عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) بالرّزق المناسب لمقامهم عند الرّبّ (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) فضل الله يطلق على نعمه الّتى يفيضها على عباده من جهة كثراتهم مثل احكام الرّسالة والنّعم الّتى يجازى الله العباد بها بسبب قبول احكام الرّسالة والعمل بها كما انّ الرّحمة تطلق على النّعم الّتى يفيضها على العباد من جهة وحدتهم مثل الولاية وآثارها والمجازاة بها (وَيَسْتَبْشِرُونَ) يفرحون أو يطلبون الفرح أو يبشّرون أنفسهم أو غيرهم (بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ) بحسب الزّمان كالمؤمنين الّذين لم يقتلوا ولم يموتوا أو بحسب الرّتبة كالمؤمنين الّذين لم يلحقوا برتبتهم ودرجتهم (مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) قد مضى وجه الاختلاف بين القرينتين في اوّل البقرة (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) النّعمة كالرّحمة الولاية