٩ ـ الاخبار عن زعم اليهود أن
عزيزا ابن الله
إن من أهم الحقائق التاريخية التي كشف عنها القرآن ، في الإخبار عن غيب الماضي ، والتي تعتبر من غرائب الأخبار ، الإخبار عن أن اليهود زعمت أن عزيزا ابن الله.
وغرابة هذا الخبر في أهل الكتاب كغرابته في غيرهم.
لقد أخبرنا الله في القرآن الكريم أن اليهود تزعم أن عزيزا ابن الله ، فقال تعالى في سورة التوبة : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ ، وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ، ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ ، يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ).
أما النصارى فما أنكروا هذا ، وهم لا ينكرونه إلى يومنا هذا ، وهو أمر معروف عنهم قبل الإسلام وبعده.
وأما اليهود فما كانوا يقولون هذا ، وما كان فيهم من يقول : عزير ابن الله في زمن نزول القرآن ، وإنما هي قالة تاريخية لفئة منهم ، قالتها ثم انقرضت ، كما نقله القرطبي عن النقاش (١) ، وكما هو معروف في كتب اليهود وعقائدهم.
ولذلك ضرب أعداء الإسلام في الكلام على هذا الموضوع ، وزعموا أن في القرآن من الأخبار عن عقائد اليهود ما ليس في عقائدهم ، وقال اليهود منهم : إن القرآن بقولنا ما لم نقل في كتبنا ولا في عقائدنا.
إلى أن جاء العصر الحديث ، وكشفت المعرفة التاريخية لعقائد بعض قدماء
__________________
(١) القرطبي ٨ / ١١٧.