ويستطرد السير جيمس قائلا :
لقد كان محمد أميّا ، ولا يمكنه أن يكشف عن هذا السر بنفسه ، ولكن الله هو الذي أخبره بهذا السر ، مدهش ، وغريب ، وعجيب جدا (١) ...
نعم .. إنه لأمر مدهش ، وعجيب وغريب جدا ، أن نجد أميّا ، لا يعرف قراءة ولا كتابة ، ولم يدرس فلكا ، ولا طبّا ، ولا هندسة ، وفي عصر انتشرت فيه الخرافة ، وشاعت الكهانة ، وهو مع هذا ينطق بكلام يتعلق بكل شأن من شئون الكون ، والحياة ، والنفس الإنسانية ، وبأوضح العبارات وأفصحها ، وبأسلوب يفهمه الإنسان المعاصر له ، وإن كان في بعض الحالات لا يستطيع إدراك حقيقته وسره.
يتكلم على نشأة الكون والأرض والسماء ، وسير الكواكب والأفلاك ، وتكوين الجبال والبحار ، وأساس الحياة وسرها ، وتطور الجنين ونموه ، وتكاثف السحاب ، وسقوط الأمطار ، وتمدد الكون ، ويخبر عن الغيب ، غيب الماضي والمستقبل ، ويضع أعظم الأسس في الحياة الاجتماعية ، والسياسية ، والاقتصادية ، والفكرية ، ثم مع كل هذا لا يتمكن واحد من أهل الأرض جميعا أن يوجد أمرا واحدا يتناقض مع العلم وهو في ذروة سلطانه ومجده ، بل يجد كل ما قاله في ذلك العصر قد جاء العلم الحديث ليقره ، ويعترف بأحقيته وسبقه.
ألا يدل كل هذا على أن هذا الكلام يستحيل أن يكون من كلام البشر ..؟!.
لقد كان فلاسفة الإلحاد في العصر الحديث يتوقعون أن تتفجر كل المعتقدات القديمة بتفجير الذرة ، ولنستمع إلى جوليان هكسلي وهو يتكلم عن هذا الموضوع فيقول :
«تعتبر التطورات العلمية التي حدثت في القرن الماضي انفجارا معرفيا في وجه الأساطير الإنسانية عن الآلهة والدين ، كما تفجرت الأفكار القديمة ونسفت بمجرد تفجير الذرة».
__________________
(١) الإسلام يتحدى : ص ٢١٠.