نعم هكذا كان يتوقع فلاسفة الإلحاد ، ولا سيما أنهم يعرفون أن محمدا صلىاللهعليهوسلم كان أميّا ، وهم في ذروة غرورهم العلمي ، ولكن جاء العلم لا ليثبت توقعهم ، بل ليذهلهم ، إذ كشف لهم عن أخطر سر كانوا لا يتوقعونه ، ألا وهو أن كل ما جرى على لسان ذلك الأمي صلىاللهعليهوسلم كان نهاية الطريق الطويل الذي تعثرت به البشرية آلاف السنين ، حتى وصلت إليه في هذا القرن ، في عصر العلم والمعرفة.
نعم ... لقد كشف لهم عما لم يتوقعوه ألا وهو أنهم رغم الأحقاد الدفينة في صدورهم ، لم يتمكنوا أن يجدوا تناقضا واحدا ، أو خطأ واحدا مما قاله ذلك الأميّ منذ أربعة عشر قرنا ، وفي أخص خصائص العلم ، وأدق مباحثه ، مما جعل كثيرا منهم يذعن رغم أنفه للحقيقة ، ويعلن أن هذا الكلام إنما هو كلام الله المحيط بكل شيء علما ، ومن المحال أن يكون من كلام البشر.
وصدق الله إذ يقول : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً).
الاعجاز العلمي في القرآن يلفت نظر الباحثين من غير المسلمين :
لم تقتصر دراسات الإعجاز العلمي للقرآن على المسلمين فحسب ، بل تجاوزتها إلى غيرهم من الباحثين ، من مستشرقين وغيرهم ، ولا سيما أولئك الذين لهم صلة بالكتب المقدسة ، إذ أصبحوا على يقين بأن بعض ما ورد في الكتب السماوية المقدسة عندهم ، قد أيده العلم ، وجاء على وفقه ، رغم ما في تلك الكتب من التغيير والتحريف ، والتبديل والتزييف ، مما يدل على أن أصل تلك الكتب من قول الله ، وليس من قول البشر.
لقد وقع هذا رغم ما في كتبهم من التحريف .. فكيف يكون الحال لو لم تحرف ..؟ لا بد أنهم كانوا سيجدون فيها كثيرا من الحقائق التي تعبوا في سبيل الوصول إليها.
ولذلك التفت نظرهم إلى القرآن ، لما يعلمونه عنه من الصحة في نقله