ولا يعلى عليه ، وما هو من قول البشر.
ولقد صدق المغيرة فيما قال ، فأقره جميع المشركين الذين جاءوا للتداول في أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وكيف لا ...؟ وجميعهم يشعر بنفس شعور الوليد ، ويحس بأحاسيسه ، فلم يمنعهم كفرهم ، ولا كبرهم وغرورهم من الاعتراف بهذه الحقيقة التي لا سبيل إلى إنكارها.
عتبة بن ربيعة :
وهذا عتبة بن ربيعة من سادة قريش ، يقوم إلى محمد صلىاللهعليهوسلم ليفاوضه باسم المشركين من قريش ، ويعرض عليه بعض العروض ، لعلّه يقبل بها ، ويترك دعوته.
فيعرض عليه الملك ، ويعرض عليه المال ، ثم يعرض الطب إن كان ما يأتيه من قبيل الوساوس والجنون ...
حتى إذا فرغ الرجل من عروضه ، وأتمّ مهمته ، قال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أوقد فرغت يا أبا الوليد؟» قال : نعم ، قال : «فاسمع مني» ، قال : أفعل ، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ* بَشِيراً وَنَذِيراً ، فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ، وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ ، وَفِي آذانِنا وَقْرٌ ، وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ).
ومضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ عليه سورة فصلت ، وعتبة منصت لها ، وقد ألقى يديه خلف ظهره ، معتمدا عليها يسمع منه ، ثم انتهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى آية السجدة من السورة ، فسجد وسجد معه عتبة ، ثم قال : قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت ، فأنت وذاك.
وفي بعض الروايات أنه صلىاللهعليهوسلم لما وصل إلى قوله تعالى : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ