معجزة موسى عليهالسلام :
لقد اشتهر قوم فرعون بالسحر ، وعرفوا به ، ولذلك كان لا بدّ لمعجزة موسى عليهالسلام ، أن تكون من نوع ما تعارفوا عليه ، حتى يتم إفحامهم ، وتثبت المعجزة لديهم ، فذهبعليهالسلام إليهم بمعجزة من نوع عملهم ، وهي : أنه يلقي عصاه في الأرض ، فتنقلب إلى حية تسعى ، ويدخل يده في جيبه ، فتخرج بيضاء من غير مرض ولا عاهة ، في تسع آيات أعطاه الله إياها.
ولنستمع إلى القرآن الكريم يقصّ علينا قصة العصا ، قال تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى ، قالَ : هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها ، وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي ، وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى ، قالَ : أَلْقِها يا مُوسى ، فَأَلْقاها ، فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى ، قالَ : خُذْها وَلا تَخَفْ ، سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى ، وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ، آيَةً أُخْرى ، لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى ، اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى).
فذهب موسى عليهالسلام إلى فرعون ، يدعوه إلى الإيمان ، فما كان من فرعون إلّا أن كذب وأبى ، وقال لموسى عليهالسلام : (لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ، قالَ : أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ) ـ (أي بالمعجزة) ـ (قالَ : فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ، فَأَلْقى عَصاهُ ، فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ ، وَنَزَعَ يَدَهُ ، فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ).
فما كان من فرعون لما رأى العصا قد انقلبت إلى ثعبان يتحرك إلا أن زعم أن ما جاء به موسى إنما هو سحر يريد به أن يخرج الناس من أرضهم ، وأن يستبد بأمرهم ، وقال لمن كان حوله من قومه : (إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ ، يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ ، فَما ذا تَأْمُرُونَ).
وعرض عليه موسى عليهالسلام ـ بقية آياته ، إلّا أنه زاد كفرا واستكبارا ، وأراد أن يعارض موسى عليهالسلام بمثل سحره فيما زعم ، قال تعالى : (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى ، قالَ : أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا