مُوسى ، فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ ، فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً ، قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى).
وأرسل فرعون رسله في المدائن يحشرون له فحول السحرة وعلماءهم ، ليبطل ـ بزعمه ـ معجزة موسى ، ويظهر له أنه قادر على الإتيان بمثل ما أتى به من سحر في زعمه.
وجمع السحرة لميعاد اليوم الذي اتفقوا عليه ، وهم لما يعلموا بعد حقيقة ما جاء به موسى ، وظنّوا أنه من قبيل سحرهم.
ولما حان وقت التحدي (قالُوا : يا مُوسى ، إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى).
فقال لهم موسى عليهالسلام : (بَلْ أَلْقُوا ، فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى).
لقد انقلبت حبال السحرة الطويلة إلى ثعابين تتحرك ، وكل ثعبان منها يبلغ من الطول أضعاف عصا موسى عليهالسلام.
وموسى عليهالسلام ليس بساحر ، ولذلك خيّل إليه أنها ثعابين ، وإن كانت في الحقيقة ليست بثعابين ، وإنما هي من تخييلات السحرة ومكرهم ، (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) ، ما ذا يعمل أمام هذه الثعابين الطويلة العريضة التي يخيّل للناظر إليها أنها ستلتهم كل شيء أمامها؟ ، وهنا جاء اليقين الإلهي ، (قُلْنا : لا تَخَفْ ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى ، وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا ، إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ ، وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى).
فألقى موسى عصاه التي انقلبت إلى ثعبان حقيقي ، ومن ثم دبّ إلى جميع تلك الثعابين الموهومة والتقفها ، واحدا بعد الآخر إلى أن أتى عليها.
إنها المعجزة .. التي انبهر عليها السحرة ..
إن ما أتى به موسى ليس من قبيل الخداع والتمويه ، وليس من قبيل السحر ، ولو كان سحرا لكشفه السحرة وعرفوه ، ولما استطاع أن يأكل كل تلك