الخاتمة
إننا وبعد هذا التطواف السريع في جوانب المعجزة والإعجاز وما يتعلق بهما لنجد أنفسنا قد عشنا مع المعجزة الحية ، نعانيها ونتذوقها ، وكأننا في زمن النبوة ، عند ما كان يتنزل القرآن على قلب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويتذوق العرب حلاوته ، وتهفو أفئدتهم لطلاوته ، وتتفاعل نفوسهم مع جماله وبراعته.
وهذا هو شأن المعجزة حينما يضع الإنسان يده عليها ، ويدرك حقيقتها.
نعم .. لقد عشنا مع المعجزة في جانبي الإعجاز الغيبي والعلمي ، ورأينا في بعض صورها المعجزة العادية ، ورأينا في بعضها الآخر أعلى وأبلغ وأدق صور الإعجاز التي يمكن للبشر أن يتصورها.
وهذا نظير الإعجاز اللغوي ، إذ أن مراتب الإعجاز اللغوي متباينة في القرآن الكريم ، فبعض الآيات والسور في المرتبة الدنيا للمعجزة ، وبعضها في ذروة درجات الإعجاز ، بحيث تذهل السامع ، وتملك عليه قلبه ولبه ... وهي في كلا الحالين معجزة ، يقال فيها كل ما يقال في المعجزة.
ولا أظن أن إنسانا ما في هذه الأرض ، مهما بلغ من الجمود والعناد ، يتعرف على المعجزة ، في أي نوع من أنواعها ، أو صورة من صورها ، وبعد ذلك يعرض عنها أو يفر منها.
بل لا أظن أن إنسانا ما في هذه الأرض ، يسمعها ، ويتعقلها ، ويتذوقها ، ويستطيع بعد ذلك أن يقف منها موقف اللامبالاة ...
إن المعجزة إذا ظهرت تفرض على كل عاقل في الأرض أن يخضع لها ويقر بمدلولها.