وما مثل قائل هذا إلا كمثل من يرى صندوقين من الفاكهة ، يحتوي الأول على التفاح ، والآخر على البرتقال ، وعدد حبات كل صندوق تسعة عشر ، ثم وجد عددا من صناديق البرتقال الأخرى ، فوجد أن محتوياتها من التسعة عشر برتقالة ، أو من مضاعفات هذا العدد.
وبعد ذلك كر على صندوق التفاح وقال : إننا اكتشفنا اليوم معنى جديدا فيه ، بسبب احتوائه على تسع عشرة تفاحة ، وهذا المعنى : هو أن التفاح في حقيقته برتقال .. وذلك لأن عدد حبات صندوقه موافقة لعدد حبات صناديق البرتقال جميعها ، إذ أنها احتوت على التسعة عشر أو مضاعفاتها ...
إن هذا الكلام على بعده وغرابته ورفضه من قبل أي عاقل ، لأقرب من تفسير قوله تعالى : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) بحروف بسم الله الرحمن الرحيم ، لأن القرآن نص مباشرة وراء هذه الآية أن هذا العدد هو عدد خزنة جهنم كما هو معروف لكل ذي عقل فقال : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً ، وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا).
وبهذا يتبين لنا مدى المغالطة الكبيرة التي أتى بها صاحب هذه النظرية التي بناها على مغالطات وأكاذيب في الأعداد الموهومة المزعومة.
إلا أننا على افتراض صدقه في كل ما قال فإنه لا يجوز له أن يفسر القرآن بهذه الطريقة الباطلة الباطنية الملتوية ، بل يجب عليه أن يفسره بناء على مدلولات لغة العرب التي خاطبنا الله بها ، وتعبدنا بفهم القرآن حسب قواعدها ، على ما قدمناه في صدر هذا البحث من القاعدة العامة في التفسير (١).
رشاد خليفة وعلم الساعة :
لعلك أخي القارئ قد ظننت أن الأمر قد انتهى بانتهائنا من بيان بطلان موضوع التسعة عشر وبيان كذبه ...؟.
__________________
(١) انظر : ص ٢٩٥.