٢ ـ التنبؤ بانتصار المسلمين على
الفرس والروم
إن ما ذكرناه في الفقرة الماضية كان مما أخبر عنه القرآن في مكة ، ورأينا كيف وقع ما أخبر به القرآن مع أن كل الظروف كانت ضد ما أخبر عنه حينما جاء الخبر.
ولو ذهبنا نعدد الآيات والمواقف التي كانت من هذا القبيل في مكة ، لعددنا من ذلك الشيء الكثير.
ولكننا سننتقل إلى المدينة المنورة لنقف على نظير هذا الموقف في مكة ، هناك في المدينة ، بل لنرى موقفا أشد منه غرابة ، وأكثر بعدا في مقاييس العقل البشري ، ولنرى فيه المعجزة القرآنية آية بينة صريحة.
لقد تظاهرت القبائل العربية بعضها مع بعض ، وكونت جيشا جبارا من عشرة آلاف مقاتل ، بقيادة أبي سفيان بن حرب ، وتحالفت مع اليهود من بني النضير وغيرهم لغزو المدينة ، وقتال المسلمين واستئصالهم ، وكانت غزوة الأحزاب ، أو غزوة الخندق.
وجمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم المسلمين الذين لم يزد عددهم على ثلاثة آلاف مقاتل ، ينقصهم الكثير من العدد والعدد ، وهم لما يقو عودهم بعد ، ولم يستريحوا من آثار غزواتهم السابقة المتلاحقة التي أرهقتهم.
إنها المحنة الشديدة ، والبلاء المزلزل ، إذ حوصرت المدينة من أسفلها وأعلاها ، وزاد الأمر شدة عند ما نقض بنو قريظة عهدهم مع المسلمين ، وانحازوا إلى مشركي مكة في أعظم فرصة تسنح لهم للقضاء على الدين الجديد ،