الآية الثالث عشرة
(وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ)
واحتراق الماء
لقد كان الإنسان القديم يصنع سفنه من الخشب ، وكان يعتقد أن الماء لا يحمل إلا ما يكون أخف منه وزنا ، وحينما تطور الفكر الإنساني بالترقي في العلوم والمكتشفات ، توصل بعضهم إلى أن السفن الحديدية سوف تطفو يوما ما على سطح الماء ، كما تطفو السفن المصنوعة من الخشب.
ولكنه ما إن ألقى كلامه هذا حتى ثار الناس عليه ، وأنكروا مقالته ، ونسبوه إلى الهذيان.
وذلك لأن عقولهم لم تستوعب أبدا إمكانية أن يطفو الحديد على سطح الماء.
ولكي يثبتوا هذه الحقيقة الموهومة جاء أحد الحدادين بنعل من حديد وألقاه في دلو مملوء بالماء أمام الناس ، ليشهدوا على أن هذه القطعة الحديدية بدلا من أن تطفو على سطح الماء ـ كما يزعم ذاك المفكر المعاصر لهم ـ قد غرقت واستقرت في قاعه.
ومن ثم استدل ذاك الحداد ـ فيما توصل إليه عقله ، وقاده إليه منطقه ، استدل على بطلان كلام ذلك المفكر المعاصر له.
وهكذا فإن الإنسان الذي يجهل الحقيقة يعاديها ، ومن ثم يقيم البراهين الموهومة على كذبها وبطلانها ، ليسلم له علمه الباطل.