بطر ، أو حاسد حاقد ، أو كذاب أشر.
وإن نظرة سريعة خاطفة عبر التاريخ إلى علاقة الإنسان بالحقائق ، مع الأنبياء والرسل وغيرهم ، لتدلنا على هذه الحقيقة دلالة قاطعة.
ولا أريد أن استطرد في ذكر الأمثلة ، بل سأكتفي بمثالين يقينيين من التاريخ ، الأول في العناد مع الرسل ، والثاني في العناد مع الحقائق العلمية.
عناد قوم إبراهيم عليهالسلام :
وهذا هو المثال الأول الذي سأتكلم عليه ، وهو عناد الناس مع الرسل.
وهو يتمثل لنا جليا واضحا في قصة إبراهيم عليهالسلام مع قومه ، حينما كسر أصنامهم ، وأقام عليهم الحجة في عدم صلاحية الحجارة للعبادة ، وأنها لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا ، علاوة عن أن تملك هذا للآخرين ، ولذلك لم تستطع أن تمنع نفسها من الأذى الذي ألحقه بها إبراهيم عليهالسلام.
وآمن قومه بهذه الحقيقة ، وأن هذه الحجارة لا تصلح للعبادة ، إلا أنهم أخذتهم العزة بالإثم ، فعادوا ثانية يناقضون أنفسهم ، بالتنكر للحقائق التي لا سبيل إلى إنكارها ، وأجمعوا على الباطل لنصرة تلك الحجارة ، رغم ما آمنوا به من حقيقة حالها.
ولنستمع إلى القرآن يقص علينا قصتهم ، قال تعالى :
(وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ ، إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ : ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ؟ قالُوا : وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ ، قالَ : لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ، قالُوا : أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ؟ قالَ : بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ ، وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ، وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ، فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ، قالُوا : مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ، قالُوا : سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ ، قالُوا : فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ، قالُوا : أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ؟ قالَ : بَلْ فَعَلَهُ