٣ ـ الاخبار عن انتصار الروم
على الفرس
إنه الحادث الذي يعتبر أشد إثارة ، وأبعد غورا من الحادثتين السابقتين ، اللتين تنقلنا فيهما بين مكة والمدينة ، وجموع المؤمنين ، والحاقدين ، من المشركين واليهود والمنافقين ...
إنها نبوءة لا تتعلق بالعرب ، ولا بجزيرة العرب ، وإن كانت من نوع ما ذكرناه من النبوءتين السابقتين.
وإنما هي نبوءة تتعلق بمصير دولة من الدول العظمى في ذلك الزمان ، في صراعها مع دولة أخرى ...
إنها دولة الروم في صراعها مع دولة الفرس.
ولندرك حقيقة الإعجاز القرآني في هذه الحادثة ، لا بد لنا أن نقف على بعض الحقائق التاريخية لدولة الفرس والروم ، لنتصور الظروف التي نزلت بها الآية القرآنية التي نريد أن نتكلم عنها.
لقد اعتنق الملك قسطنطين الديانة النصرانية سنة ٣٢٥ م ، وجعلها الديانة الرسمية للبلاد ، مما جعل أكثر رعايا الدولة الرومانية يعتنقونها ويؤمنون بها.
واستمر الحال في الدولة الرومانية على ما هي عليه من القوة والمنعة إلى أن تولى زمامها الملك «موريس» في أواخر القرن السابع الميلادي.
وكان «موريس» غافلا عن شئون البلاد ، وعن السياسة ، مما دفع قادة جيشه للقيام بثورة ضده ، بقيادة «فوكاس» الذي أصبح هو الملك في الدولة الرومانية ، بعد أن نجحت الثورة ، وقضى على العائلة الملكية ، ومن ثم أرسل