تعدتهم إلى اليهود ، وذلك لما كان من التحدّي العام لجميع من في الأرض.
فعند ما نزل قوله تعالى : (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) (١) جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليحرجوه ، فقالوا : يا محمد ..! أفي الجنة فاكهة ..؟.
قال : نعم فيها فاكهة ونخل ورمان.
قالوا : أفيأكلون كما يأكلون في الدنيا؟.
قال : نعم ، وأضعافه.
قالوا : أفيقضون حوائجهم؟.
قالا : لا ، ولكنهم يعرقون ويرشحون (٢).
وفي بعض الروايات أنهم قالوا : من يأكل تكون له الحاجة ، فكيف يقضون حوائجهم ..؟.
فقال : مسك يرشح من جنوبهم.
فهم أرادوا بسؤالهم هذا إثبات التناقض بزعمهم ، وذلك أن الآكل يريد قضاء الحاجة ، وقضاء الحاجة من المستقبحات التي تتنافى مع نعيم الجنة ، فكيف يتفق نعيم الجنة مع هذا؟.
فكان الجواب الحكيم أنه يصير عرقا كالمسك يفيض من جنوبهم.
استعانة المشركين باليهود على المعارضة :
لم يقف الأمر عند فشل محاولة المشركين ، ومحاولة اليهود ، بل تعداه إلى طور آخر ، وهو استعانة المشركين بغيرهم من اليهود والنصارى ، ليكون بعضهم ظهيرا لبعض ، ليتحقق التحدّي في قوله تعالى : (وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) ، فطلبوا منهم أن يكتبوا لهم بأشياء ، يسألون عنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عسى أن يحرجوه في جوابها.
__________________
(١) سورة الرحمن : آية.
(٢) الدر المنثور ٦ / ١٥٠.