جاءوني ، فقالوا لي كذا وكذا ، فأخبرته بما قالوا ، وقد أبى الله إلا أن أسمعني منك ما تقول ، وقد وقع في نفسي أنه حق ، فأعرض علي دينك ، فعرض على الإسلام ، فأسلمت (١).
عمر بن الخطاب :
وما حدث للطفيل بن عامر الدوسي ، من التأثر بكلام الله ، وإعلان الإسلام ، حدث لمن هو أشدّ منه بأسا ، وأكبر قوة ، وأكثر إيذاء للمسلمين ، ألا وهو عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ إذ دفعه حقده وحدته لأن يعزم على قتل رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، وقد بلغه أنه مجتمع مع أصحابه في بيت عند الصفا.
فلقيه نعيم بن عبد الله ، فقال له : أين تريد يا عمر؟ فقال : أريد محمدا ، هذا الصابئ ، الذي فرق أمر قريش ، وسفه أحلامها ، وعاب دينها ـ فأقتله.
فقال له نعيم : والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر! أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا ..؟ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم ...؟.
قال : وأي أهل بيتي ..؟.
قال : ختنك ، وابن عمك سعيد بن زيد ، واختك فاطمة بنت الخطاب .. ، فقد والله أسلما.
فرجع عمر إلى أخته وختنه ـ أي زوجها ـ وعندهما خباب بن الأرت ، معه صحيفة فيها «سورة طه» يقرئهما إياها.
فلما سمعوا حسّ عمر ، اختبأ خباب في بعض البيت ، وخبأت فاطمة الصحيفة ، وكان عمر قد سمع شيئا من القراءة حين دنا من البيت.
فلما دخل قال : ما هذه الهينمة التي سمعت ...؟.
قالا له : ما سمعت شيئا.
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٤٤.