وهجّروهم ، وشنوا عليهم الحروب والغارات ، من أجل القضاء عليهم ، ولو كان بإمكانهم أن يبطلوا نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم بدون هذا ، عن طريق معارضة المعجزة ، لما لجئوا إليه ، فإن الإنسان لا يلجأ إلى الحرب ، التي ربما استأصلت شأفته ، وأبادت قومه ، إلّا عند ما يعجز عن غيرها من الوسائل التي هي أبسط منها وأيسر.
قال الإمام أبو بكر الباقلاني : «وقد علم منهم أنهم ناصبوه الحرب ، وجاهدوه ونابذوه ، وقطعوا الأرحام ، وأخطروا بأنفسهم ، وطالبوه بالآيات ، والإتيان بالملائكة ، وغير ذلك من المعجزات ، يريدون تعجيزه ، ليظهروا عليه بوجه من الوجوه.
فكيف يجوز أن يقدروا على معارضته القريبة السهلة عليهم ـ وذلك يدحض حجته ، ويفسد دلالته ، ويبطل أمره ـ فيعدلون عن ذلك ، إلى سائر ما صاروا إليه من الأمور ، التي ليس عليها مزيد من المنابذة والمعاداة ، ويتركون الأمر الخفيف ..؟!.
هذا مما يمتنع وقوعه في العادات ، ولا يجوز اتفاقه من العقلاء» (١).
* * *
بعض المحاولات اليائسة في المعارضة
إلّا أننا رغم هذا لم نعدم بعض السفهاء المشعوذين الذين تفوهوا ببعض الكلمات ، زاعمين أنها معارضة للقرآن ، إلّا أنها كانت الدليل على عجزهم وسخفهم ، والبرهان على إعجاز القرآن وعظمته ، وذلك كمسيلمة.
محاولة مسيلمة الكذاب :
لقد زعم مسيلمة أنه أوحي إليه قرآن كقرآن محمد صلىاللهعليهوسلم ، فأتى بسقط من القول يدل على جهله وسخفه ، وضعف عقله ورأيه ، مما أصبح نادرة يتندر بها أهل المجالس ، وأنموذجا للهزء والسخرية على مدى التاريخ.
__________________
(١) إعجاز القرآن للباقلاني ص ٢٢.