التي كان عليها من قبل ، بعد أن قلّت مياهه ، ولحقت أهل مصر بذلك المشقة.
وكرؤية عمر ـ رضي الله عنه وهو على المنبر في المدينة ـ جيش المسلمين بنهاوند ، حتى قال لأمير الجيش : يا سارية الجبل الجبل ، محذّرا له من وراء الجبل ، حيث كان يكمن العدو ، وسماع سارية كلامه ، ونجاة جيش المسلمين ، مع بعد المسافة.
وكشرب خالد بن الوليد السم ، مع عدم تضرره به (١).
وغير ذلك ، مما لا حصر له ، من الكرامات التي جرت وتجري على يد أوليائه تعالى وأصفيائه.
وهذه أمور خارقة للعادة ، فما الفارق بينها وبين المعجزة ، وكل منهما خارق للعادة؟.
الفارق بينها وبين المعجزة يظهر من عدة وجوه :
أولا : وهو ما اتفق عليه العلماء ، أن المعجزة تكون مقرونة بالتحدي لا يستطيع أحد من الناس معارضتها والإتيان بمثلها ، بخلاف الكرامة التي لا تحدي فيها ، ويمكن معارضتها ، والإتيان بمثلها ، بل بأبلغ منها ، بأن يجريها الله على يد كثير من أوليائه ، في زمن واحد ، أو أزمنة مختلفة.
وثانيا : النبي يعلم بمعجزته ، ويستطيع إظهارها كلما طلب منه ذلك ، أو كلما دعت الحاجة إليها ، يتحدى بها ، وأما الولي فمن المحتمل أن لا يعلم بالكرامة قبل وقوعها ، وإنما تجري على يده فجأة ، ودون قصد ، كما أنه من المحتمل أن يكون عالما بها ، إلّا أنه قد لا يمكنه تكرارها ، بأن تسلب منه ، أو تقتضي الحكمة الإلهية تخلفها.
وثالثا : زاد بعض العلماء أن الكرامة لا تصل لدرجة ولد من غير والد ، أو قلب الجماد إلى حيوان ، أو عكس ذلك (٢).
__________________
(١) طبقات الشافعية ٢ / ٣٢٦ ، غاية البيان ص ١٤.
(٢) جمع الجوامع ٢ / ٤٠٠ بناني.