معنى قولنا : إن المعجزة أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدي ، سالم عن المعارضة ، مما أغفلنا شرحه عند الكلام على تعريف المعجزة في الفقرات الماضية.
لأن معرفته متوقفة على ما ذكرناه الآن من أمر الكرامة وغيرها من الخوارق الأخرى.
وأما قولنا : إنها أمر خارق للعادة ، إنما هو إشارة إلى أن المعجزة إنما تخرق حكم العادة ، لا حكم العقل.
وذلك لأن أحكام العقل إما أن تكون مستحيلة ، وإما أن تكون واجبة ، وإما أن تكون جائزة.
والقدرة الإلهية لا تتعلق بالواجب ، ولا بالمستحيل ، وإنما تتعلق بالجائز.
والمحال العادي من مجوزات العقول.
ولذلك شرط العلماء في المعجزة أن تكون من متعلقات القدرة الإلهية.
تنوع المعجزة باعتبار المرسل إليهم :
إنه من الضروري أن تكون المعجزة من نوع ما يتعارف عليه القوم الذين أرسل إليهم الرسول ، أو بعث فيهم النبي ، حتى يتمكّنوا من تصورها تصوّرا صحيحا ، ليصدروا عليها الحكم الصحيح ، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره.
فلو كانت المعجزة من نوع ما يجهله القوم المرسل إليهم ، ومما لا يعرفون عنه شيئا ، لما كان بإمكانهم تصورها التصور الصحيح ، ومن ثم لما كان بإمكانهم أن يحكموا عليها بالصدق أو الكذب ، ولئن حكموا فسيكون حكمهم ساذجا ، صادرا عن عاطفة وعصبية ، لا عن علم وخبرة.
ويمكن أن نزيد هذا الكلام وضوحا ببعض الأمثلة البسيطة الآتية :
إذا جاء إنسان عبقري في فن الهندسة ، مبدع في تصاميمها ، وعرض