٦ ـ الاخبار عن عجز البشر
عن تحدي القرآن إلى يوم القيامة
لقد نزل القرآن الكريم في أمة الفصاحة والبلاغة والبيان ، كما قدمنا ذلك وبيناه.
نزل بلغة هذه الأمة ، وجرى على أساليبها في الخطاب ، والخبر ، والمحاورة ، وتصرف في تلك الأساليب كما كان يتصرف العرب.
إلا أنه في نفس الوقت كان المعجزة اللغوية الحية الناطقة ، الدالة لكل عربي تذوق لغته وعرفها على أن هذا القرآن ليس من عند البشر ، لما احتواه من أساليبه المعجزة ، في كل سورة من سوره ، وإنما هو من عند الله ، ولذلك تحداهم الله به.
ونحن لا نريد الآن أن نعيد ما تقدم ، وإنما نريد أن نبين وجها من وجوه الإعجاز الغيبي في آيات التحدي بالقرآن.
لقد تحدى الله العرب بالقرآن في مكة في ثلاثة مواطن ، تحداهم في سورة الإسراء ، أن يأتوا بمثل هذا القرآن ، فقال : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ ، لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً).
ثم كان التحدي في سورة هود ، ليس بكل القرآن ، وإنما هو بعشر سور مثله ، فقال تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ، قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ ، وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
ثم ترقى التحدي إلى التحدي بسورة واحدة من سور القرآن ، فقال تعالى في سورة يونس : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ، قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ، وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ