الآية المتمة العشرين
(إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ)
والاعجاز في الامشاج
لم يكن الناس في الماضي يعرفون شيئا عن حقيقة بداية خلق الإنسان وتكوينه في رحم أمه.
أما العرب فهم الأمة الأمية ، ولا علم لديهم في مثل هذه الأمور ، وأما الأمم الأخرى التي كانت توجد فيها الفلسفة والحضارة ، فقد كانت تسودها في مثل هذا الموضوع التصورات الساذجة ، والأفكار البلهاء.
فقد كانوا يعتقدون أن رحم المرأة ليس سوى محضن لذلك الجنين ، وشبهوا ذلك بالبذرة تلقى في الأرض ، ثم تنمو فيها ، والرحم كالأرض للبذرة التي هي نطفة الرجل.
ثم جاء أرسطو ، أشهر فلاسفة اليونان ، قبل الميلاد بأربعة قرون ، إلا أن الأمر لم يزدد إلا سوء ، رغم أن أرسطو أفرد علم الأجنة ببحث خاص بناه على ملاحظة لكثير من أجنة الطيور والحيوانات ، وخلاصة رأيه في الأجنة يندرج تحت نظريتين :
الأولى : أن الجنين يكون جاهزا في ماء الرجل ، فإذا دخل الرحم ، انعقد ونما كما تنمو البذرة في الأرض.
والثانية : أن الجنين يتخلق من دم الحيض ، حيث يقوم المني بعقده ، ويكون عمله كعمل الإنفحة باللبن إذ تعقده جبنا ، وليس للمني في إيجاد الولد دور قط سوى المساعدة كدور الإنفحة.