فقد أجمع نقاد الشعر على أن شعر حسان بن ثابت قد تأثر في الإسلام ، وتراجع أمام عظمة القرآن وإعجازه.
لم يمتنع حسان من قول الشعر في الإسلام ، بل أمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يقول الشعر ، ويرد به على المشركين ما كانوا يهجون به الإسلام والمسلمين.
ولكن حسانا لم يمكنه أبدا أن يتناسى هذا الصرح البلاغي المعجز ، الذي عصف بكل بلاغة وفصاحة وشهرة أمام بلاغته وفصاحته ، مما يجعل عند الإنسان عجزا باطنيا خفيا يفرض عليه التراجع والاستسلام ، ولا سيما بعد أن يئس كل من في الأرض عن الوصول إلى أدنى مراتب بلاغته.
وهذا ما جعل شعر حسان يتراجع ويضعف إذا ما قيس بشعره الذي كان يقوله في الجاهلية قبل أن يسمع القرآن.
* * *
وما حدث للبيد وحسان ، حدث لكثير من شعراء العرب وفصحائهم ، مما يدل على مدى التأثير القرآني في نفوسهم ، وعلى كلامهم.
لما ذا لم يسلم جميع العرب ممن أدرك معجزة القرآن؟ :
بعد هذا الذي قدّمناه من تأثر العرب بالمعجزة القرآنية ، واعترافهم بها ... ، وما رافق ذلك من إعراض بعضهم عن قول الشعر أو تأثر شعره أمام الإعجاز القرآني ، قد يثار سؤال ، ألا وهو :
ما دام القرآن قد وصل لهذا الحد من الإعجاز والتأثير ، فلما ذا وجدنا كثيرا من العرب ، ممن مهر في العربية وأتقنها ، وبلغ الذروة العليا فيها ، كالوليد بن المغيرة ، وأبي جهل ، وأبي لهب ، وعتبة بن ربيعة ، وغيرهم كثير ، ممن لا يخفى مكانهم على أحد ، لما ذا لم يسلموا وقد سمعوا القرآن ..؟!.
إن الجواب على هذا السؤال سهل ميسور ، وذلك أن الناس على مر العصور ، وكر الدهور ، لم تخل ساحتهم يوما ما من جاحد معاند ، أو متكبر