إنه إخبار الله عن الغيب الذي يعلمه ، والذي لا بد له أن يقع على نحو ما يعلمه ، ليعلم من فاته العلم أن هذا من المعجزات الباهرة الناطقة الدالة على أن هذا القرآن من كلام الله.
معجزة أخرى ضمن هذه المعجزة :
لم يكن هذا الذي ذكرناه من هذه المعجزة هو كل ما في الآية من الإعجاز ، بل كان فيها معجزة أخرى ، حملتها نبوءة ثانية ضمن النبوءة الأولى ، ألا وهي قوله تعالى : (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ).
ما هو النصر الذي سيفرح به المؤمنون؟ هل هو انتصار الروم على الفرس؟ أم هو شيء آخر وراء ذلك؟.
إن مما يتبادر إلى الأذهان أن الفرح حينذاك إنما هو بانتصار الروم على الفرس ، كما هو متبادر من سياق الآية ، ومبعث هذا الفرح تحقق وعد الله وإخباره.
إلا أن الحقيقة هي أن فرح المؤمنين كان بشيء آخر وراء ذلك ، ألا وهو انتصارهم في غزوة بدر الكبرى .. إذ كان وقت انتصار الروم ووقت انتصار المؤمنين في غزوة بدر الكبرى ، في وقت واحد.
إنه لأمر مذهل مدهش ، نبوءة ضمن نبوءة ، وكل منهما أبعد من الأخرى ، وكلاهما يقع دون تخلف أو تأخر.
مما يدفعنا ويدفع كل عاقل أن يقول : اللهم إنا لنشهد أن هذا يستحيل أن يصدر عن أحد سواك.