«شيرويه» وزجّ به في سجن ، داخل القصر الملكي ، حيث لقي حتفه في اليوم الخامس من اعتقاله.
ولكن شيرويه هو الآخر لم يستطع أن يجلس على العرش أكثر من ثمانية أشهر ، حيث قتله أخوه.
وهكذا بدأ القتال داخل البيت الملكي ، وتولى تسعة ملوك زمام الحكم في غضون أربعة أعوام ، مما جعلهم عاجزين عن متابعة الحرب مع الروم ، مما دفع «قباز الثاني» ابن كسرى أبرويز الثاني ـ إلى طلب الصلح مع الروم ، وأعلن تنازله عن الأراضي الرومية ، كما أعاد الصليب المقدس إلى الروم.
ورجع هرقل إلى عاصمته القسطنطينية في مارس عام ٦٢٨ م ، في احتفال رائع حيث كان يجر مركبته أربعة أفيال ، واستقبله الآلاف من أبناء شعبه خارج العاصمة ، وفي أيديهم المشاعل وأغصان الزيتون ...
وعمت الفرحة أيضا صفوف المؤمنين ، إذ تحقق وعد الله الذي وعدهم به ، وصدق خبره الذي أخبر به قبل بضع سنين ، في وقته المحدد له مسبقا ، وخرج المسلمون يطالبون المشركين رهانهم ... ولم يبق بعد هذه الحادثة ريبة لمرتاب ، ولذلك دخل كثير من المشركين في الإسلام إثر هذه الحادثة ، كما تروي لنا كتب الحديث عن أصحاب رسول الله.
أفيجوز لعاقل بعد أن يرى مثل هذه الحادثة ، ويسمع مثل تلك القصة أن يقول : إن هذا القرآن من كلام محمد صلىاللهعليهوسلم ، أو أنه من إيحاءات وتعاليم البشر ...؟.
إنه لمن أبسط صور العدل والإنصاف أن يقول كل من يسمع مثل هذا : إن هذا لا يمكن أن يصدر عن البشر ، لأن البشر مهما كانت طاقاتهم ، ومهما بلغت إمكانياتهم ، ومهما زادت تفؤلاتهم ، لن يتمكنوا من مثل ذلك الفأل الغريب البعيد ، ولئن تمكنوا من مثله ، فلن يتمكنوا من تحديده بذلك الزمن القريب.