إنه لأمر ـ لو وقع ـ يستدعي من أعداء الدين والمتربصين أن يجعلوا منه تاريخا وعيدا.
فكونه لم ينقل إلينا عن واحد من المشركين ، أو اليهود ، أو النصارى ، أو غيرهم من أعداء الدين ، على كثرتهم ، واهتمامهم بالأمر ، وتوفر دواعيهم على إشاعته ونقله ، كونه لم ينقل عن واحد منهم أنه قد وقعت المعارضة ، يدلنا دلالة قاطعة لا تردد فيها أن القرآن لم يعارض ، ولو عورض لنقلت إلينا معارضته ، ولملأ المشركون بها الدنيا ، ولما كان هناك من سبيل لكتمانها ، علما بأن القرآن كان يقرع أسماعهم صباح مساء بآيات التحدّي تتلى على رءوس الأشهاد.
ومما اتفق عليه العقلاء أن الأمر إذا كان مما تتوفر الدواعي على نقله وإشاعته ، كهذا الأمر الخطير ، ثم لم ينقل إلينا إلّا من قبل رجل واحد ، أو آحادا ، فإننا نقطع بكذبه ، فكيف يكون الحال فيما إذا لم ينقله إلينا أحد ...؟؟.
إنه يدل على عدم وقوعه دلالة قاطعة ، وهذا شأن معارضة القرآن التي لم ينقلها إلينا أحد مع توفر الدواعي على نقلها لو وقعت ، ولا سيما والتحدّي قائم على مر العصور وكر الدهور ، يطلب المعارضة ، ويعلن عجزهم عنها قبل أن يفعلوها ، ويهددهم بوخيم العقاب ، وأليم العذاب (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) مما يثير حفيظتهم ، ويبعث هممهم على فعلها ، فكونها رغم كل هذا لم ينقل إلينا أنها فعلت ، يدل دلالة قاطعة على عدم وقوعها.
استدلال آخر على فشل المشركين في المعارضة :
قد عرفنا في الأمثلة السابقة ما بذله المشركون لإبطال المعجزة ، فلو حدث أن عورضت ، لشاع وذاع ، واشتهر وانتشر ، فكونه لم ينقله إلينا أحد ، رغم توفر الدواعي على نقله ، يدل دلالة قاطعة على عدم وقوعه.
ولا سيما أن المشركين قطعوا الأرحام ، وأراقوا الدماء ، وهجروا المؤمنين