أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) قال له عتبة : ناشدتك الله والرحم أن تمسك ، إذ لم يعد عتبة يتمالك نفسه أمام هذا الذي يسمع مما لا قبل لأهل الأرض به.
ثم قام عتبة إلى أصحابه الذين بعثوه عنهم رسولا ومفاوضا ، إلّا أنه كان قد سمع ما سمع ، فأثر القرآن في نفسه وجوارحه ، حتى بدا ذلك في وجهه ، فقال القوم بعضهم لبعض : نحلف بالله ، لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ، فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد؟.
قال : ورائي أني سمعت قولا ، والله ما سمعت بمثله قط ، والله ما هو بالشعر ، ولا بالسحر ، ولا بالكهانة.
يا معشر قريش ، أطيعوني واجعلوها بي ، وخلو بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه ، فو الله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم.
وهذا اعتراف آخر من الوليد أمام سادة قريش وكبرائها بإعجاز القرآن وأثره في النفوس والقلوب والجوارح.
النضر بن الحارث :
وها هو النضر بن الحارث ، وهو من شياطين قريش وأشدائهم على رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، يقف في قريش ويقول : يا معشر قريش ، إنه والله قد نزل بكم أمر ما أنتم له بحيلة بعد ، قدم محمد فيكم غلاما حدثا ، أرضاكم فيه ، وأصدقكم حديثا ، وأعظمكم أمانة ، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب ، وجاءكم بما جاء به ، قلتم : ساحر ، لا والله ، ما هو بساحر ، لقد رأينا السحرة ونفثهم عقدهم ، وقلتم : كاهن ، لا والله ما هو بكاهن ، فقد رأينا الكهنة وتخالجهم ، وسمعنا سجعهم ، وقلتم : شاعر ، لا والله ما هو بشاعر ، فقد رأينا الشعر ، وسمعنا أصنافه كلها ، هزجه ورجزه ، وقلتم : مجنون ، لا والله ، ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون ، فما هو بخنقه ، ولا وسوسته ، ولا تخليطه.
يا معشر قريش .. فانظروا في شأنكم ، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم.