مثلا ، وهم لا يعرفون السحر ، لما كان عندهم إلّا قول واحد ، ألّا وهو ما قاله فرعون : إن ما فعلته سحر ليس إلّا ...
من أجل هذا وجب أن تكون المعجزة من نوع ما يتعارف عليه الناس الذين أرسل إليهم الرسول.
وهذا الذي رأيناه في معجزة موسى عليهالسلام ، نراه في معجزة غيره من الأنبياء والرسل.
معجزة عيسى عليهالسلام :
لقد بعث الله عيسى عليهالسلام في بني إسرائيل ، الذين كانوا قد اشتهروا بالطب زمن رسالته ، ولذلك كان لا بدّ ـ كما قدمنا ـ أن تكون من نوع علومهم التي تعارفوا عليها ، واشتهروا بها ، فكانت إحياء الموتى ، وما شابهها من المعجزات.
إن غاية ما يستطيع أن يفعله الطبيب قديما وحديثا ، هو تشخيص المرض ، ووصف العلاج لشفائه ، إلّا أنه ما حدث ، ولم يحدث ، ولن يحدث ، أن يتمكّن الطبيب من إحياء الموتى.
كما أنه لم ولن يستطيع أن يصل لدرجة إخراج الحياة من الجماد ، فلم يستطع ولن يستطيع أن يعمل هيكل طير من الطين ، ثم يجعله طيرا حقيقيا ، يخفق بجناحيه ويطير.
لقد بعث عيسى في تلك الأمة التي عرفت حقيقة الطب ، وعرفت قدرة الطبيب الحقيقية ، وهي أنها لا تعدو علاج بعض الظواهر المرضية.
فإذا ما رأت تلك الأمة إنسانا يحيي الميت بعد موته ، ويصنع من الطين كهيئة الطير ، ثم ينفخ فيه فيكون طيرا ، ويبرئ الأكمه والأبرص بإمرار يده عليه ، علمت أن هذا الإنسان ، لا يعمل هذه الأمور بقدرته البشرية ، لأن قدرة البشر في هذا المجال محدودة بما ذكرنا من الظواهر ، ومن ثم أيقنت أن هذه